الإحياء ضد الإماتة، والموات مشتق من الموت، وعبروا بالموات دون الميتة؛ لأن الأرض الميتة قد يُراد بها ما لا نبات فيه، كما قال الله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ}[يس: ٣٣]، فعبروا عن الأرض هنا بالموات، بالفرق بينها وبين الأرض التي ليس فيها نبات، فما هي الموات في الاصطلاح؟
قال:(هي الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم)، (المنفكة) يعني: التي ليس فيها اختصاص لأحد ولا ملك لمعصوم، و (المعصوم) هو المسلم، والذمي، والمستأمن، والمعاهد.
فهذه هي الموات: الأرض التي ليس لها مالك معصوم ولا اختصاص لأحد فيها.
مثال الأول: أرض يملكها رجل مسلم، فهذه ليست بموات، لماذا؟ لأنها ملك معصوم.
مثال الاختصاصات: فناء الدور؛ يعني: المساحات التي حولها كملقى الكناسة ومكان تصريف المياه، وما أشبهها، هذه نقول فيها اختصاصات، لو أن أحدًا استولى عليها وأحياها قلنا: لا تملك ذلك؛ لأن هذه مختصة، صحيح أنها ليست ملكًا لصاحب البيت لكنها من اختصاصاته.
ومثل ذلك أيضا: لو أن أحدًا تملك مرعى أهل البلد، بأن تكون هذه المنطقة هي المنطقة التي يخرج أهل البلد مواشيهم لرعيها، فجاء رجل فاستولى عليها، فإننا نقول: لا، ليست هذه أرض موات، لماذا؟ لأنها مختصة لأهل الأرض، فيها مصالحهم، كذلك لو فرضنا أن هذه الأرض محل للحطب يحتطب الناس منها، فإنها ليست بموات، لماذا؟ لأنها غير منفكة عن الاختصاصات.
فالمهم أن كل ما تتعلق به مصالح الناس العامة -وإن لم يكن مملوكًا لأحد- فإنه ليس بموات، ولا يُمَكَّن أحد من الاستيلاء عليه وإحيائه، حتى قال العلماء: إن مقطع الحصى الذي يكون للناس عمومًا يقطعون منه الحصى، ليس لأحد أن يتملكه؛ لأنه تتعلق به المصالح العامة، وكل شيء تتعلق به المصالح العامة فإنه لا يملك أحد الاختصاص به؛ لأنه لو اختص به لمنع الناس حقهم.