فأما الأرض التي تكون ملكًا لحربي فإنها موات، وإن كان مستوليًا عليها؛ لأن هذا الحربي ماله غير معصوم، فيجوز للإنسان أن يستولي عليها ويملكها بذلك.
قال المؤلف:(هي الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم، فَمَنْ أحْيَاها مَلَكَهَا).
(من) اسم شرط جازم، واسم الشرط يفيد العموم، فكل من أحيا هذه الأرض الموات على الوصف السابق فإنه يملكها سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أم أنثى، حُرًّا أم عبدًا، لكن يملكها على أنها تكون لسيده.
قال:(فَمَنْ أَحْياها مَلَكَها مِن مُسْلِم وكَافِر) يملكها سواء كان مسلمًا أو كافرًا، وإنما ذكر المؤلف ذلك -يعني: فَصَّل العموم في قوله: (من أحياها) - لأن في بعض أفراده خلافًا، فبعض العلماء يرى أن الكافر لا يملك الأرض في البلاد الإسلامية ولو كان ذِمِّيًّا؛ لأن البلاد الإسلامية لا ينبغي أن يكون فيها مكان لغير المسلمين؛ لأن غير المسلمين إذا تملكوا الأرض كثروا فيها ثم صاروا أغلبية فيطغى الخبيث على الطيب، وحينئذ يوشك أن يعمهم الله تعالى بالعقاب، ولكن المؤلف يقول: لا فرق بين المسلم والكافر.
(من أحياها ملكها مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِإِذْنِ الإِمَامِ وَعَدَمِهِ) يعني: سواء أذن الإمام بالإحياء أم لم يأذن، فلو جاء شخص واستولى على أرض الموات وأحياها بدون أن يأخذ رخصة من الإمام فإنه يملكها، لا يقول الإمام: أنت ملكتها بغير إذني؛ لأنه إن قال: ذلك قلنا الأرض لمن؟ لله، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ»(١)، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يملكها إلا بإذن الإمام؛ لأن الإمام هو المرجع في تقسيم الأرض، والأرض تحت ولايته وسيطرته، فلو أحياها بغير إذنه لأحياها على غير وجه شرعي، فلا يملكها.