معلوم، المجعول عليه مجهول؛ لأن رد اللقطة قد يكون يسيرًا وقد يكون صعبًا، وقد لا يرده، أنا قلت: من رد لقطتي فله مئة درهم، خرج رجل يطلب هذه اللقطة وجدها قريبة، لو أنه استأجر على هذا العمل لكفاه عشرة دراهم، نقول: الآن لك مئة درهم، لأنه جُعل لك، والله هو الذي يسر لك الأمر، ذهب يطلب هذه اللقطة وبقي شهرين أو ثلاثة وهو يطلبها ثم وجدها، نقول هنا: صار العمل أكثر من العوض؛ لأن مئة درهم يستحقها الإنسان مثلًا في عمل عشرة أيام، وهذا بقي كم؟ شهرًا كاملًا، ربما يذهب يطلبها فيبقى شهرين أو ثلاثة ولا يجدها، هل يستحق المئة؟ لا، إذن عمل هذا العمل الكثير ومع ذلك لم يستحق شيئًا، فإذا قال قائل: كيف تجيزون هذا العمل مع هذه الجهالة العظيمة، قلنا: نجيزه لدعاء الحاجة إليه، وليس هو على سبيل الإلزام؛ لأن العامل له أن يدع العمل في أي لحظة شاء، كما سيأتي أن الجعالة عقد جائز، ولو لم نجز هذا الشيء لفات للناس مصالح كثيرة، فهذا رجل –مثلًا- قد ضاعت بعيره، لا يمكن أن يستأجر شخصًا لإحضارها، لماذا؟
لأن هذا الشخص لا يدري متى يجد هذه البعير فإذا كان لا يمكن لم يَبْقَ إلا الجعالة، بحيث يقول -يعلن في الصحف أو في أي وسيلة من وسائل الإعلام فيقول-: من رَدَّ بعيري فله كذا وكذا، هذا لا شك أن فيه مصلحة للناس، وهذا الرجل اللي ذهب يطلب البعير ما دام يرجو أن يجدها سوف يفعل، وإذا أَيِسَ منها سوف يتركها، وربما أيضًا يبحث قبل أن يدخل في العمل، ثم إن الجعالة أيضًا لا يشترط فيها تعيين المجعول له قد يقول هذا القول، ويروح واحد -بدون أن يتصل به- ويذهب ويأتي بها، كما سيأتي أيضًا إن شاء الله، فهذا لَمَّا كان فيه هذه المصالح اغتُفِر فيها الجهل.