الشيخ:( ... ) من الجعل؛ يعني أن يجعل الإنسان عوضًا على عمل الشيء، وأنها -أي: الجعالة- من محاسن الشريعة، وذلك لما تتضمنه من المصلحة الكثيرة التي لا تحصل بدونها، فإنه أحيانًا يضطر الناس إلى استعمالها، لو أن أحدهم ضاع له بعير وأراد أن يستأجر شخصًا لطلبه فالإجارة لا تصح؛ لأن الإجارة لا بد أن تكون على شيء معلوم، ورد هذا البعير لا يمكن أن يكون معلومًا؛ لأنه ضائع، ليست في مكان معين أقول لشخص: اذهب إلى المكان المعين، وائت ببعيري ولك كذا وكذا صَحَّ، لو كان بمكان مُعين صحت الإجارة، لكن هذا ضائع، لا ندري هل يجده في مكان قريب أو في مكان بعيد في زمن قريب أو زمن بعيد؟ فلولا جواز الجعالة لَلَحِق الناس في ذلك مشقة، فإن قال قائل: هل يشترط في الجعالة أن يكون العوض معلومًا؟
الجواب: نعم، لا بد أن يكون العوض معلومًا، فيقول مثلًا: من رد ضالتي فله مئة درهم، لو قال: من رد ضالتي فله مال، بس، لم يصحَّ، إذن العوض عليها لا بد أن يكون معلومًا، أما هي فلا يشترط أن تكون معلومة، ولهذا قال المؤلف -رحمه الله- في التعريف:(وهي أن يجعل شيئًا معلومًا لمن يعمل له عملًا معلومًا أو مجهولًا).
(عملًا معلومًا) كخياطة الثوب فيقول: من خاط الثوب هذا على صفة كذا وكذا فله كذا وكذا، هذا معلوم، المجهول مثل أيش؟
طالب:( ... ).
الشيخ: نعم، من رد ضالتي فله كذا وكذا، من رد لقطتي فله كذا وكذا، الضالة في الحيوان واللقطة في غيره، هذا العمل مجهول، وذلك لأنه لا يُدْرى متى يجد هذه اللقطة أو متى يرد هذه الضالة، لكن -كما أسلفنا- جواز هذا من محاسن الشريعة لدعاء الضرورة إلى ذلك أحيانًا، إذن هذه الجهالة تُغْتَفر في جانب المصلحة العظيمة.
قال:(مُدة معلومة أو مجهولة)، كيف مدة معلومة أو مجهولة؟
يعني قد يكون العمل معلومًا لكن مدته مجهولة، ما ندري متى ينتهي، مثل أن يقول: من بنى لي هذا الجدار فله كذا وكذا، المدة معلومة ولّا غير معلومة؟