للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقي قسم ثالث: العفو، لكن هنا لا يمكن العفو؛ لأن العفو معناه أنه لا يكون لهذا اللقيط الذي قتل عوض، فتفوت فيه المصلحة العامة أو الخاصة، انتبه: لو قتل قتيل لشخص، يعني قتل أبوه، قتل ابنه، أخوه، فهو مخير بين ثلاثة أشياء: القصاص والدية والعفو مجانًا، لكن اللقيط لا يخير الإمام فيه بين الأمور الثلاثة؛ لأنه لا مصلحة في العفو، فليفوت المصلحة العامة في القصاص والمصلحة الخاصة في الدية، فنقول: الإمام يخير بين أيش؟ بين شيئين، بين القصاص والدية أيهما أولى: الدية أو القصاص؟ نقول: أما لبيت المال فالأولى الدية؛ لأنه يضيف إلى بيت المال مالًا، وأما المصلحة العامة فقد تكون المصلحة في القصاص، المصلحة العامة، وحينئذ تخيير الإمام هنا تخيير إرادة ومشيئة أو تخيير مصلحة، لا بد أن نعرف قاعدة لنبني عليها هذه الجزئية، إذا كان التخيير للرفق في المخير فالتخيير تخيير إرادة ومشيئة، وإذا كان التخيير لمصلحة الغير فالواجب النظر إلى ما فيه المصلحة، إذا كان التخيير للرفق في المخير فهو تخيير إرادة ومشيئة، إن شئت هذا أو هذا الذي تريد إذا كان للمصلحة لمصلحة الغير فالتخيير تخيير مصلحة، يعني يجب أن تنظر إلى أصلها، فماذا نقول في قوله تعالى في كفارة اليمين: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩] هل هو تخيير مصلحة أو تخيير إرادة ومشيئة تشهٍّ كما تشتهي؟ الثاني؛ لأن هذا التخيير المقصود به الرفق بالمخير، وقال الله تعالى في فدية الأذى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]، هذا التخيير تخيير إرادة ومشيئة، يعني أي شيء تريد افعل؛ لأن الغرض منه أيش؟ الرفق بالمكلف، فلينظر ما هو أرفق به ويفعله، أما إذا كان لمصلحة الغير فإنه يجب النظر

<<  <  ج: ص:  >  >>