وأما في الشَّرع: فإنه دم يسيل يصيب المرأة إذا بلغت في أيام معلومة، خلقه الله عز وجل لحكمة غذاء الولد؛ ولهذا كانت الحامل غالبًا لا تحيض؛ لأن هذا الدَّم -بإذن الله- ينصرف إلى الجنين عن طريق السُّرَّة يتغذَّى به؛ إذ إن الجنين لا يمكن أن يتغذَّى بالأكل والشُّرب في بطن أمه، لو تغذَّى بالأكل والشُّرب لاحتاج هذا الأكل والشرب إلى خروج، وكيف يخرج؟ لكن جعل الله عز وجل بعلمه وحكمته هذا الدم يدخل عن طريق السرة ويتفرق في العروق، ويكفي عن الأكل والشرب لهذا الكائن الحي.
والحيض دَمُ طَبِيعَةٍ ليس دمًا طارئًا أو عارضًا، بخلاف الاستحاضة فإنها دم طارئ عارض، كما قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام فيها:«إِنَّ ذَلِكَ دَمُ عِرْقٍ»(٢٦)، فهو دم طبيعة من طبيعة البشر، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في قوله حين دخل على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تبكي في حجة الوداع، وكانت قد أحرمت بالعمرة فأتاها الحيض قبل أن تصل إلى مكة في مكان يقال له: سرف، فدخل عليها النبي وهي تبكي فقال لها:«مَا يُبْكِيكِ؟ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ» يعني: حضت، قالت: نعم، قال:«إِنَّ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»(٢٧)، كتبه كتابة شرعية ولَّا قدرية؟
طلبة: قدرية.
الشيخ: قدرية، كتبه الله تعالى قَدَرًا على بنات آدم؛ يعني: وإذا عرف الإنسان أن هذا شيء مكتوب على غيره فإنه يتسلى به ويهون عليه.
وهذا الحيض قلنا: إنه يعتاد أنثى عند البلوغ؛ لأنه يحصل به البلوغ، ولكن هل له حد في السن ابتداء وانتهاء، وفي الأيام ابتداء وانتهاء؟
المعروف عند الفقهاء: نعم، والصحيح: لا، ليس له حد، لكن على كلام الفقهاء له حد.