للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا هو المذهب، مِن أين أخذوا أن يكون مسلمًا؟ لأنه قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ»، والخطاب للمسلمين.

مِن أين أخذوا أن يكون مكلَّفًا؟ قالوا: لأن الخطاب إنما يتوجَّه للمكلَّفين، غير المكلَّف ما يتوجه إليه الخطاب.

مِن أين أخذوا أن يكون من نومِ ليلٍ؟ من قوله: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». «أَيْنَ بَاتَتْ»، والبيتوتة ما تكون إلا بالليل، ولهذا اشترطوا هذه الشروط.

طالب: وناقضٌ للوضوء.

الشيخ: وناقضٌ للوضوء أيضًا؛ أخذوا هذا من قوله: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، والنوم اليسير يدري الإنسانُ عن نفسه فلا يضرُّ.

هذا مأخذ الشروط من الحديث، ولكن المسألة إذا تأمَّلتَها وجدتَ أنها ضعيفة؛ أولًا: لأن الحديث لا يدلُّ عليها؛ لأنَّ الحديث فيه النهي عن غَمْس اليدِ في الماء، ولم يتعرَّض النبي عليه الصلاة والسلام للماء، وفي قوله: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» دليلٌ على أن الماء لا يتغيَّر حُكْمه؛ لأن هذا التعليل يدلُّ على أن المسألة من باب الاحتياط وليست من باب اليقين الذي يُرفع به اليقين، وعندنا الآن يقينٌ وهو أن الماء طَهورٌ، هذا اليقين ما يمكن يُرفَع إلا بيقينٍ، ما يُرفَع بالشك، فعلى هذا نقول: إن الحديث لا يدلُّ على ما ذكرتَه.

ثم إنه -أي: الحديث- إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى المسلمَ أن يغمس يده قبل غَسْلها ثلاثًا فالكافر من باب أَوْلى؛ لأن العلَّة في المسلم النائم هي العلَّة في الكافر النائم، وكونه لم يوجِّه الخطاب إلى الكافرين نقول: إن الصحيح عندكم أن الكفار مخاطَبون بفروع الشريعة، وهذا ما هو حُكْمٌ تكليفيٌّ، هذا حُكْمٌ وضعيٌّ لأنه يتغيَّر به الماء وحُكْمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>