ثم نقول: المميِّز يخاطَب بمثل هذا وإنْ كان لا يعاقَب؛ فكيف إذا جاء مميِّز يمكن تكون يده ملوَّثة بالنجاسة، ويمكن أنه ما يستنجي، ويمس فرجَه وهو نائم، إذا غَمَس يده في الماء إنه ما يضرُّ، والمكلَّف الحافظ نفسَه هو الذي يضرُّ؟ !
فتبيَّن أن هذا القول ضعيفٌ أَثَرًا ونَظَرًا؛ أما أَثَرًا فلأنَّ الحديث لا يدلُّ عليه بوجهٍ من الوجوه، وأمَّا نَظَرًا فلأنَّ هذه الشروط التي ذكروها تَخَلُّفُها .. فيه بعض المسائل يكون انتقال الماء من الطهورية إلى الطهارة -إن قُلنا به- أَوْلى مما ذكروه من الشروط؛ كيَدِ الكافر ويدِ الصغير الذي لم يميِّز.
إذَنْ ما هو القول الراجح في هذه المسألة: لو أن الإنسان غَمَس يده في الإناء قبل أن يغسلها؟
طالب:( ... ).
الشيخ: الصحيح أنه يبقى طَهورًا، لكنْ يُقال للمرء أخطأتَ وما أصبتَ، لماذا؟ لمخالفة أمْر النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا قال قائلٌ: ما هي الحكمة في أنه لا يجوز؟
نقول: الحكمة علَّلها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، فإذا قال: إذا وضعتُ يدي في جرابٍ أعرف أنها ما مسَّت شيئًا من بدني نجسًا، ثم إنني قد نمتُ وأنا على استنجاءٍ شرعيٍّ، ما في بدني شيءٌ نجسٌ، ولنفرضْ أنها مسَّت الذَّكَر أو الدُّبُر ما تنجس، فإذَنْ أنا أدري أين باتتْ يدي، باتتْ يدي معي في فراشي، وباتتْ مستورةً في جرابٍ، وأيضا بدني طاهر، فكيف يصحُّ هذا التعليل؟ !
قال الفقهاء رحمهم الله: إن علَّة النهي هنا غيرُ معلومةٍ لنا، فالعمل به من باب التعبُّد المحض، فهو أمرٌ تعبُّديٌّ، ما ندري. ولكن هذا القول يخالف ظاهرَ الحديث، فظاهرُ الحديث أن المسألة معلَّلة؛ «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، إذَنْ كيف يتفق هذا التعليل مع الواقع الذي ذكرتَه وهو أن تكون اليد محفوظةً والجسمُ طاهرًا ولا هناك محظور؟