الشيخ: ليس له إلا خمسون؛ لأن المؤلف يقول:(إن مات قبله ثبتت)، فوجه ثبوتها أن المطالَب بالرجوع هو الأب، وقد مات، فسقط عنه التكليف بموته، فإن الإنسان إذا مات انقطع عمله.
وهذا القول ضعيف، والصواب أنه إذا مات وجب على المفضَّل أن يَرُدّ ما فُضِّلَ به في التركة، فإن لم يفعل خُصِمَ من نصيبه إن كان له نصيب.
هذا القول هو الصحيح؛ لأنه لما وجب على الأب الذي مات أن يُسَوِّي فمات قبل أن يفعل صار كالْمَدِين، صار كالذي عليه دَيْن لولده المفضَّل عليه، والدَّيْن يجب أن يُؤَدَّى.
وعلى هذا فنقول للابن المفضَّل: إن كنت تريد بِرّ والدك فرُدّ ما أعطاك في التركة، إذا قال: آثَم إذا لم أفعل؟ قلنا: نعم تأثم، ويأثم أبوك أيضًا إن كان قد أهمل وفرَّط حتى مات، أما إذا كان لم يفرط، يعني أُخْبِر بأن هذا حرام، ولكن عاجله الموت قبل أن يتمكن من التصرف فهو لا إثم عليه، لكن الإثم عليك أنت.
إذن الصحيح أنه إذا مات قبل التسوية فإن التفضيل لا يثبت، ويجب على المفضَّل أن؟
طالب: يرده.
الشيخ: يرد ما فُضِّلَ به في التركة، أو يُنَزَّل من نصيبه إن كان هناك تركة توزَّع.
قال:(ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته اللازمة)، انتبه، (لا يجوز) يعني: يَحْرُم؛ لأن نفي الشيء إثبات لضده، فإذا نفينا الجواز ثبت التحريم، (أن يرجع في هبته) أي: فيما وَهَبَهُ لغيره إلا الأب، كما ستُذْكَر.
وذلك لأن الإنسان إذا وهب وأَقْبَضَ الهبة، ولهذا قال المؤلف:(اللازمة)، صارت الهبة ملكًا للموهوب له، فإذا رجع فيها فقد أخذ ملك غيره بغير حق، فصار هذا حرامًا، هذا تعليل المسألة من حيث النظر، أما دليلها من حيث الأثر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»(٥).