للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» على سبيل الذم، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «الَّذِي يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا» (٢) ذم ولَّا مدح؟

طالب: ذم.

الشيخ: ذم. إذن نأخذ قاعدة ما ضُرِبَ ابن آدم مثلًا بشيء من الحيوان إلا على سبيل الذم.

صار الرجوع في الهبة اللازمة -ما هي اللازمة؟ التي حصل فيها القبض- لا يجوز الرجوع فيها إلا لأب.

والدليل -ذكرنا دليلًا وتعليلًا- الدليل أيش؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»، والتعليل أن الموهوب له قد ملك الهبة ودخلت في ملكه فلا يجوز أن يستردها الإنسان.

هذا التعليل ربما يقول قائل: إنه تعليل عليل؛ لأنه لو استردها يستطيع الموهوب له أن يمانع. فنقول: إن الموهوب له قد لا يستطيع أن يمانع، وقد يستطيع أن يمانع ولكن لا يمانع خجلًا؛ لأنه يقول: هو الذي أعطاني إياها كيف أمنعه؟ ! والمنع خجلًا كعدم المنع يعني: لا أثر له.

ومن العجائب -والعجائب جمة- أن بعض العلماء قال: إنه يجوز أن يرجع الواهب في هبته اللازمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالكلب، والكلب غير مكلف، وأكله من قيئه ليس بحرام، صحيح هذا؟ !

طالب: لا.

الشيخ: لا؟ هل الكلب مكلف ولَّا غير مكلف؟

طالب: غير مكلف.

الشيخ: غير مكلف، هل أكله من قيئه إذا تقيأ ثم رجع فيه حرام عليه ولَّا غير حرام؟

طالب: غير حرام.

الشيخ: غير حرام. يقول: فلما شبه النبي صلى الله عليه وسلم رجوع الواهب في الهبة بفعل مباح دلَّ على جوازه؛ جواز رجوع الواهب في هبته اللازمة، شوف -سبحان الله- بعض الأحيان تكون أقوال العلماء من أغرب ما يكون، وكيف يقولها عاقل فضلًا عن العالم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>