للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: يا سبحان الله! الرسول صلى الله عليه وسلم يشبه الإنسان بالكلب، ثم تقول: أنت فعل مباح. أنا أوافقك على أنه مباح بشرط أن ينقلب كلبًا، إذا انقلب كلبًا فأنا أقول: مباح أن يرجع في هبته ولَّا لا؟

فلو أن الكلب أتى بصرة تمر ووضعها بين يدي كلب آخر ثم رجع هذا الكلب فأكل هذه الصرة حرام عليه ولَّا غير حرام؟

طالب: غير حرام.

الشيخ: وهبها وقَبَّضَها للكلب الثاني! هو حلال؛ لأنه غير مكلف، فهذا الرجل إذا انقلب كلبًا ووهب فلا بأس.

ثم إن الحديث يقول: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ» «لَيْسَ لَنَا» هذا تبرؤ منه، فكيف تقول أنت: إنه حلال؟

على كل حال هذا القول لولا أنه ذُكِرَ ما قلته، لكن أنا أريد أن أُبَيِّنَ لكم أن بعض العلماء -رحمة الله علينا وعليهم- يذكرون أقوالًا غرائب ثم يوجهون هذه الأقوال بما يُشَبِّهُون به من الأدلة على وجه أغرب؛ إذن الصواب أن رجوع الإنسان في هبته اللازمة حرام.

طيب، رجوعه في هبته غير اللازمة كما لو قال لشخص: إني قد وهبتك كتابَ زاد المستقنع، لكنه لم يسلمه له؛ لأنه في البيت مثلًا، فهل له أن يرجع؟

الطلبة: نعم.

الشيخ: نعم، له أن يرجع، ولكن هل رجوعه وعدمه سواء؟

لا، ليس سواء؛ لأن هذا خلاف المروءة، ولأنه إخلاف للوعد؛ يعني: أدنى ما نقول فيه: إنه إخلاف للوعد. فنقول له: ما دمت قد وهبته فقد وعدته. أدنى ما نقول فيه: إنه وعد؛ ولهذا نقول: لا ترجع. لكن ليس حرامًا عليك؛ لأن ظاهر الحديث «كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»: أن هذا في الهبة المقبوضة المسلمة التي أخرجها الإنسان من ملكه وأعطاها للموهوب له، أما إذا كان لم يخرجها من ملكه وهي في حوزته فإن له أن يرجع، لكن هذا خلاف المروءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>