للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (أو إبراء) يعني: تصرَّف الوالد بإبراء مدين الولد؛ مثاله: شخص لابنه على زيد مئة درهم، فذهب الأب إلى المدين، وقال: إني قد أبرأتُكَ من دين ابني؛ لا يصح.

أولًا: لأن الابن لم يملكه؛ لأنه دين في ذمة غيره.

وثانيًا: لأن الأب أيضًا لم يملكه، فقد انتفى عنه الملك من الأب ومن الابن.

وقال بعض أهل العلم: إن تصرَّف الوالد في مال ولده ببيع أو عتق أو إبراء صحيح؛ لأنه إذا كان له أن يتملك هذه الأشياء فتصرفه فيها من باب أولى، ويكون الثمن في البيع لمن؟ للابن.

أما العتق فيكون الأجر للابن والإبراء يكون الأجر للابن أيضًا، قالوا: فهذا أقل مما لو تملكه أصلًا؛ لأنه لو تملكه لم يكن للابن شيء، والظاهر أن الحديث يدل على صحة تصرف الأب في مال ابنه إذا لم يضره ولا يحتاجه، وأما الإبراء فليس له ذلك؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» لا يدخل فيه الدين؛ لأن الدين لم يكن مالًا للابن حتى يقبضه.

قال: (أو أراد أخْذَه قبل رجوعه) (أَخْذَه) يعني: أخذ ما وهبه قبل رجوعه في الهبة فإنه لا يصح أن يتصرف فيه بالبيع.

إذن ما الطريق إلى صحة التصرف؟ أيش؟ إن يرجع في الهبة إن كان هبة، أو يتملكه إذا لم يكن هبة؛ ولهذا قال: (قبل رجوعه أو تملكه بقول أو نية وقبض معتبر) أراد أخذه أي: أخذ ما وهبه قبل رجوعه في الهبة، فإن تصرفه لا يصح، ولكن كيف يصح إذا أراد أن يصح؟ نقول: ارجع، وقل: رجعت في هبتي لولدي. ثم بعد ذلك بع، وأما أن تبيع وهو على ملك الولد فهذا لا يصح؛ لأنك بعت ما لا تملك.

كذلك أيضًا (قبل تملكه) لو أنه أراد أن يتصرف فيه قبل أن يتملكه ببيع فإنه لا يصح، أو أراد أخذه أيضًا قبل أن يتملكه فإن ذلك لا يصح.

المهم أن تصرف الوالد في مال ولده لا يصح إلا بعد التملك؛ يتملكه أولًا ثم يتصرف فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>