للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف: (وقبض معتبر) اشترطنا القبض؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فلو أراد الوالد تملك مال ولده وتصرَّف فيه قبل أن يقبضه فالتصرف غير صحيح؛ لأنه لا بد من القبض.

قال: (لم يصح بل بعده) بعد أيش؟ بعد الرجوع في الهبة وبعد التملك في غير الهبة.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (وليس للولد مطالبة أبيه بدين ونحوه) نعم لا يجوز للولد أن يطالب أباه بدين أو عين أو غير ذلك؛ لأنه إذا كان للأب أن يتملك فإنه ليس لك الحق في مطالبته «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» مثاله:

باع ابن على أبيه سيارة، وبقي الثمن عند الأب، فهل للابن أن يطالب بالثمن؟ لا، ليس له أن يطالب، وإذا طالب فإن للمحكمة أن ترفض الطلب؛ لأن الإنسان وما ملك لأبيه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم «إِنَّ أَفْضَلَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» (٧).

أعار والده كتابًا، فهل له أن يطالبه بردِّ العارية؟ لا؛ ولهذا قال: (بدين ونحوه)، ليس له أن يطالبه برد العارية.

وظاهر كلام المؤلف: ولو كان الابن يتضرر بفقدها؛ مثل أن تكون هذه العارية من حاجياته أو من ضرورياته وأعارها والده على أنه سينتفع بها يومًا أو يومين ثم يردها، ولكن الأب أمسكها، فظاهر كلام المؤلف أنه لا يطالب أباه بذلك.

والصحيح أن له أن يطالبه بذلك؛ لأنه ليس له أن يتملكها في هذه الحال، فيكون الأب في هذه الحال ظالمًا، وطلب إزالة الظلم لا بأس به؛ ولهذا قال: (إِلَّا بنفقته الواجبة عليه فإن له مطالبته بها وحبسه عليها) النفقة الواجبة للابن أن يطالب بها؛ وذلك لأنها ضرورة لحفظ حياة الابن فلا بد منها؛ ولأن سببها معلوم ظاهر بخلاف الدين وشبهه فإنه ليس بمعلوم لكل أحد فله أن يطالب بها.

مثال ذلك: ابن فقير لا يجد ما ينفق على نفسه وأهله فطالب أباه بالنفقة، فطلب من أبيه النفقة ولكن أباه امتنع، فهل له أن يطالب؟ نعم، له أن يطالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>