هو نفسه ليس بمريض لكنه يتوقع الموت بين لحظة وأخرى، فهل نقول: إن هذا بمنزلة المريض مرضًا مخوفًا؟ الجواب: نعم؛ لأنه لا فرق بينه وبين من أصابه المرض في اليأس من الحياة فيكون هذا بمنزلة المريض مرضًا مخوفًا، والطاعون وباء فتَّاك يُعدي، وينتشر بسرعة، ولكنه هل هو نوع واحد أو هو جنس تحته أنواع؟
فقال بعض العلماء: إنه نوع واحد، وهي أورام خبيثة تخرج في البدن فتقضي عليه، لكنها غير أمراض السرطان؛ لأن السرطان ليس يُعدي، لكن أمراض أخرى، مثل الجذام وشبهه، هذا هو الطاعون.
وبعضهم قال: المراد بالطاعون كل مرض مُعدٍ فتاك، ولكن الظاهر من السنة خلاف ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عد الشهداء فقال:«الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ»(٢). وهذا يدل على أن من أُصيب بداء البطن غير من أُصيب بالطاعون، والمبطون هو الذي انطلق بطنه وأصابه القيام الدائم، أو أُصيب بألم في البطن وهو مثل ما يسمونه الزائدة، الزائدة هي إذا أصابت الإنسان وانفجرت مات ما فيها سلامة، لكن نجد ألَمًا شديدًا في البطن، فإذا يسر الله له أن تُستأصل سلم.
إذن من وقع الطاعون ببلده نقول: هو مريض مرضًا مخوفًا ولَّا في حكم المريض؟ في حكم المريض؛ لأنه لم يمرض.