الثالث:(عدلان) أيضًا هذا الصحيح أنه ليس بشرط، ما دام مؤتمنًا، مسلم مؤتمن في مهنته، فالصحيح أنه لا تُشترط العدالة؛ لأن كثيرًا من الناس قد يكون فاسقًا وقد يكون كافرًا لكنه في مهنته لا يخون؛ إما لمروءته، أو من أجل الشرف، أو من أجل الدعاية لنفسه؛ لأنه لو خان وعرف الناس أنه خائن تركوه.
ولو أننا اشترطنا العدالة في أخبار الأطباء ما عملنا بقول طبيب واحد إلا أن يشاء الله؛ لأن أكثر الأطباء لا يتصفون بالعدالة، أكثرهم لا يصلي مع الجماعة، أكثرهم يحلق لحيته، أكثرهم يُدخِّن، فلو أنَّا اشترطنا العدالة لأهدرنا قول كثير من الأطباء أو أكثر الأطباء.
بقي علينا العدد، المؤلف اشترط العدد أن يكونا اثنين فأكثر، ولكن الصحيح أن الواحد يكفي؛ وذلك لأن هذا من باب الخبر المحض، ومن باب التكسُّب بالصنعة، فخبر الواحد كافٍ في ذلك، ولهذا لسنا نقول مثلًا لمن أراد أن يخبرنا عن صنعة من الصنائع: هات واحدًا يشهد، بل نأخذ بقوله ولو كان واحدًا. إذن المدار في هذه المسألة على الأمانة، متى وجدنا طبيبًا أمينًا وقال لنا: إن هذا المرض مخوف اعتبرنا هذا المرض مخوفًا.
لو تعارض مسلم وكافر فقال المسلم: غير مخوف، وقال الكافر: بل مخوف، من نُقدِّم؟
طالب: المسلم.
الشيخ: لا، نُقدِّم من هو أخبر وأعلم، فإذا علمنا أن الكافر أرقى علمًا من المسلم مع أمانته أخذنا بقوله، كثير من أطباء المسلمين الآن يتعلمون على أطباء كفار، أما لو تساووا فمن المعلوم أن نأخذ بقول المسلم.
قال:(وما قال طبيبان مسلمان عدلان: إنه مخوف، ومن وقع الطاعون ببلده فإنه يعتبر بمنزلة المريض مرضًا مخوفًا).