والدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ»(١)؛ فإن هذا يدل على أن اختلاف الدين مانع من الإرث؛ ولهذا قال:(وأهل الذمة يرث بعضهم بعضًا مع اتفاق أديانهم لا مع اختلافها) أهل الذمة هل يمكن أن تختلف أديانهم؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، يهود، نصارى، مجوس، هؤلاء أهل الذمة، ثلاثة أصناف، والصحيح أنهم أكثر من ثلاثة أصناف؛ أن جميع الكفار يمكن أن يكونوا أهل ذمة تُعْقَد لهم الجزية، كما صح ذلك فيما رواه مسلم عن بريدة رضي الله عنه (٣).
قال:(وهم مِلَلٌ شتى)(هم) الضمير يعود على أهل الأديان، (ملل شتى) متفرقة؛ اليهود ملة، والنصارى ملة، والمجوس ملة، والشيوعيون ملة، والبوذيون ملة، وهكذا .. وهذا هو القول الراجح.
وقال بعض العلماء: إن الكفر ملةٌ واحدةٌ. لكن هذا القول ضعيف؛ لأن اليهود يقولون: ليست النصارى على شيء، والنصارى يقولون: ليست اليهود على شيء، فكيف يكونون أمة واحدة؟ ! نعم، هم بالنسبة للإسلام صنف، لكن بالنسبة لما بينهم مختلفون، كما نقول مثلًا: أهل السنة يدخل فيهم المعتزلة، يدخل فيهم الأشعرية، يدخل فيهم كل من لم يَكْفُر من أهل البدع، إذا قلنا هذا في مقابلة الرافضة.
لكن إذا أردنا أن نبين أنواع أهل السنة قلنا: إن أهل السنة حقيقة هم السلف الصالح الذين اجتمعوا على السنة وأخذوا بها، وحينئذٍ يكون الأشاعرة والمعتزلة والجهمية ونحوهم ليسوا من أهل السنة بهذا المعنى.
(والمرتد لا يرث أحدًا) لأنه -والعياذ بالله- ليس له دين، ولا يُقَر على دينه؛ يعني: لو كان عندنا كافر ملحد غاية الإلحاد نقره على دينه أو لا؟ نُقِرُّه على دينه، لكن لو ارتد أحد إلى اليهودية أو النصرانية لا نقره؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»(٤) يعني: دين الإسلام فإننا نقتله.