للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الاستثناء في قوله: (إلا بالولاء) فهذا ضعيف، ورد فيه حديث لكنه ضعيف؛ ضعيف من حيث الدليل الأثري، وضعيف من حيث الدليل النظري؛ أما الدليل الأثري فإنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الاستثناء، وأما الدليل النظري فإنه يُقال: كيف يكون الضعيف أقوى من القوي؟ الولاء لُحْمَة كلُحْمَة النسب، والمشبَّه به أقوى من المشبَّه، فكيف نقول: إنه يرث بالولاء مع اختلاف الدين مع أن الإرث بالولاء أضعف من الإرث بالنسب؟ ! فتبين بطلان هذا القول أثرًا ونظرًا.

لو هلك هالك عن ابنٍ لا يصلي وعن عم مسلم يصلي، فميراثه لمن؟

طلبة: للعم.

الشيخ: للعم، والابن الذي لا يصلي لا يرث.

وكذلك لو كان هناك رجل لا يصلي ومات عن أقارب مسلمين فإنهم لا يرثونه؛ لأنه لا يرث المسلم الكافر، وسيأتي -إن شاء الله- الاختلاف في هذا.

قال: (ويتوارث الحربي والذمي والمستأمن) هؤلاء ثلاثة أصناف من الكفار:

الحربي: هو الذي ليس بيننا وبينه عهد ولا ذمة ولا أمان.

الثاني: المستأمِن بالكسر؛ بكسر الميم، وأكثر الناس يقولونه بفتح الميم (المستأمَن)، وهذا غلط؛ لأنه هو ليس مستأمنًا، بل هو مؤمَّن، وهو مستأمِن بكسر الميم. المستأمِن: هو الذي أُعطِي أمانًا ألَّا يعتدى عليه، سواء من الإمام أو ممن يجيز إجارته الإمام؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» (٢).

الثالث: الذمي؛ هو الذي بيننا وبينه عهد وذمة أن يبقى في دارنا آمنًا تُحْفَظ له حقوقه، ولا يُعْتَدى عليه لكن عليه الجزية.

بقي رابع: المعاهَد؛ هو الذي جرى بينه وبين المسلمين عهد لكنه في بلده مستقل، ليس للمسلمين فيه تعلق إلا العهد الذي بيننا وبينه.

يقول المؤلف رحمه الله: (يرث بعضهم بعضًا) يتوارث هؤلاء إذا اتفقت أديانهم؛ كلهم يهود، كلهم نصارى، كلهم مجوس، كلهم شيوعيون، يتوارثون إذا اتفقت أديانهم، وإن اختلفت فلا توارث.

<<  <  ج: ص:  >  >>