الدليل على أنه لا تلزمه حال كفره، الدليل على ذلك قوله تبارك تعالى:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}[التوبة: ٥٤].
فهذا دليل على أن الصلاة لا تقبل منه، وإذا لم تقبل منه فلماذا؟ لأنها لا تصح، وإذا لم تصح لم تجب؛ لأنها لو وجبت وأتى بما يلزم فيها لصحت.
إذن الكافر لا تلزمه الصلاة، ولا يلزمه قضاؤها إذا أسلم؛ لقوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، أَوْ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ»(٢)، فلا يلزمه قضاؤها إذا أسلم، وهناك دليل ثالث من النظر وهو: أننا لو ألزمناه بقضائها بعد إسلامه لكان في ذلك مشقة وتنفير عن الإسلام.
ولنفرض أن هذا الرجل أسلم وله أربعون سنة، سنقول له: اقضِ صلاة خمس وعشرين سنة، كذا خمس وعشرين سنة ولَّا؟ إي نعم، خمس وعشرين سنة، صلاة خمس وعشرين سنة، وإذا ألزمناه بمثل هذا فسوف يستثقل الأمر، وربما يبقى على كفره والعياذ بالله.
ذكرنا أنه يحاسب عليها في الآخرة، في الدنيا عرفنا حكمه، لا يلزم بها حال الكفر، ودليل ذلك ما أشرنا إليه من الآية، وربما أيضًا نستدل عليه، ويضاف إلى ذلك بحديث معاذ بن جبل؛ لأنه لم يذكر افتراض الصلاة عليهم إلا بعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، لا يلزمه القضاء للآية التي أشرنا إليها:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}، وربما نضيف إليه أيضًا دليلًا من السنة؛ بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم الذين أسلموا بقضاء صلواتهم الماضية، وقال أيضا:«أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ»(٣).