للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك قال: (أو نحوه) مثل: البنج والدواء، وهذا أيضًا محل خلاف، فمن أهل العلم من يقول: إذا زال عقله بشيء مباح فإنه لا قضاء عليه؛ لأنه معذور، ولكن الذي يترجح عندي -والعلم عند الله- أن من زال عقله بفعله فعليه القضاء، لكن إن كان الفعل محرمًا فهو آثم، وإن كان غير محرم فليس بآثم، وأما من زال عقله بغير اختياره كالمغمى عليه فليس عليه قضاء.

قال المؤلف: (ولا تصح من مجنون) يعني: لا تصح الصلاة من مجنون لو صلاها، أما عدم الوجوب فقد عرفناها من قوله: (تجب على كل مسلم مكلف)، فلا تجب على المجنون، ولا تصح منه، وذلك لعدم القصد؛ فإن المجنون لا قصد له، ومن لا قصد له لا نية له، ومن لا نية له لا عمل له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (١٢)، والمجنون كيف ينوي؟

إذن لو عمل لم يصح، إي نعم، والمجنون لا قصد له، إذن: لو عمل فإنه لا يصح عمله؛ لأن الأعمال بالنيات.

وقول المؤلف: (من مجنون) مثله: من زال عقله ببِرسام؛ وجع في الدماغ يجعل الإنسان يهذي ويقول قولًا ليس منتظمًا، هذا مثل المجنون. ومثله أيضًا: المهرم الذي لا يعقل، كل هؤلاء لا تصح منهم الصلاة، ولا تجب عليهم، وذلك لعدم العقل.

قال: (ولا تجب على كافر)، سواء كان الكافر أصليًّا أم مرتدًّا. الأصلي: الذي لم يزل كافرًا، والمرتد: الذي كفر بعد إسلامه، فلا تصح الصلاة منه، يعني: لو صلى مثلًا وهو لا يزال على كفره لم تصح الصلاة منه.

الدليل قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: ٥٤]، مع أن النفقات نفعها متعد، فإذا كانت العبادة ذات النفع المتعدي لا تقبل من الكافر، فالعبادة الخاصة من باب أولى ألا تقبل ولا تنفعهم، هذا الدليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>