للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الذي صح به الأثر عن عثمان رضي الله عنه (٧)، وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقضي على السكران بالتأديب والإلزام بالطلاق إذا طلق، فلما ذُكِر له الأثر عن عثمان رجع، فصار يؤدبه ولا يقع طلاقه، وهذا القول أصح، وهو الذي رجع إليه الإمام أحمد رحمه الله، كان الإمام أحمد يقول بطلاق السكران حتى تبينه يعني: حتى تأمل، وتبين له أنه لا يقع، وقال: إني إذا قلت: يقع، أتيت خصلتين، حرمتها عليه وأحللتها لغيره، وإذا قلت: لا يقع فإنما أتيت خصلة واحدة، وهو أنني أحللتها له، فعلى هذا يكون مذهب الإمام أحمد شخصيًّا أنه لا يقع، أما مذهبه الاصطلاحي فإنه يقع، لكن ما رأيكم الآن؟

هو لا شك أن هذا أصح دليلًا وأظهر، كما قاله صاحب الإنصاف، ولا شك أنه أظهر في الدليل، لكن هل يجوز للإنسان أن يُلزم به السكران لعله يرتدع؟ !

طلبة: لا، شيخ.

الشيخ: نقول: إذا لم يتضمن ضررًا على الزوجة؛ لأنه قد يكون ضرر على الزوجة، إذا أذن له بالطلاق، تكون الزوجة ذات أولاد منه، ثم يقع الإشكال في المستقبل، ثم إننا لا نأمن أيضًا وما نجزم أن يكون في ذلك إصلاح له، ربما أنه رجل لا يهتم، ما يهمه أن تبقى زوجته أو ما تبقى.

فالظاهر لي أنه لا ينبغي الإفتاء بوقوع الطلاق، ما دام أن الأصح من حيث النظر عدم الوقوع، اللهم إلا فيما لو كانت الزوجة هي التي تطلب هذا، تطلب الفراق، وأن بقاءها معه متعب، فهنا لو أننا أخذنا بهذا القول من باب التأديب وردع الناس فإنه لا بأس به، كما كان ذلك من سياسة عمر رضي الله عنه.

عمر إذا لم يرتدع الناس عن الشيء ألزمهم بمقتضاه، مثل ما ألزمهم بالطلاق الثلاث، فكان الناس الطلاق الثلاث واحدة، لكن لما بدؤوا ما يهتمون بهذا الشيء ويطلقون ثلاثًا، قال: فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم (٨) ( ... ).

(ومن أكره عليه ظلمًا) (من أكره) (أُكِره): فعل ماضٍ مبني للمجهول، يعني أكرهه أحد.

(عليه) الضمير يعود على الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>