طلق (تبعًا) هذه مفعول لأجله، يعني: طلق لأجل تبعه لقوله، أي: متابعةً لقوله لا قصدًا للطلاق، فحينئذٍ يكون قصده بالطلاق تبعًا، يعني دفعًا للإكراه فقط، ما نوى الطلاق، فإنه لا يقع الطلاق؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ باِلنِّيَّاتِ، وَإِنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(٥). ولأن الاختيار في جميع العقود والفسوخ شرط، قال الله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٩]، فلا بد في جميع العقود والفسوخ أن تكون صادرة عن رضا واختيار، إلا أن يكون الإكراه بحق.
وعُلِمَ من كلام المؤلف من قوله:(تبعًا لقوله): أنه لو طلَّق بقصد إيقاع الطلاق فإنه يقع الطلاق.
وهذه المسألة مسألة كبيرة عظيمة لا تختص بمسألة الطلاق، تأتي حتى في مسألة الإكراه على الكفر، قال الله تعالى:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النحل: ١٠٦].
هل يُشترط في الإكراه أن يكون قصد المكرَه متابعة المكرِه؛ بمعنى أنه لا يقصد إلا دفع الإكراه، أو نقول: إن الإكراه موجب لرفع الحرج عن المكرَه ولو نوى، ما دام قلبه لم يطمئن؛ لأن المكرَه في تلك الحال يكون مُلْجأً مُغلقًا عليه؟
أولًا: إن كان عاميًّا، هو ما يتصور الفرق بين أن يقصد دفع الإكراه، أو يقصد إيقاع الطلاق، ما عنده فرق، يقول: هذا ألزمني أن أطلق وطلقت، هكذا، لو تسأل العامي، يقول: هذا والله ألزمني أن أطلق وطلَّقت، ما يقول: أنا ألزمني أطلق فطلقت تبعًا لقوله، لا، قصدًا للطلاق.