للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن هذه البينية كالجدار الفاصل لا يمكن أن يكون الإيمان مع ترك الصلاة أبدًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «بَيْنَ الرَّجُلِ» لا يمكن أن يكون إيمان مع ترك الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ»، وهذا يقتضي أن هناك حدًّا فاصلًا، لا يدخل أحدهما في الآخر أبدًا، ثم قال: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَالشِّرْكِ أَوِ الْكُفْرِ» بـ (أل) الدالة على الحقيقة، وأن هذا كفرٌ حقيقي، وليس كفرًا دون كفر.

وقد نبه إلى هذا المعنى الأخير شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم، لم يقل كما قال: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ» (١٢) وإنما قال: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ». وهذا يدل على أن المرادَ بذلك الكفر الحقيقي، وهو الكفر المخرِج عن الملة.

أما أقوال الصحابة فإن أقوال الصحابة كثيرة، رُوي عن ستة عشر رجلًا منهم بأعيانهم أنهم كفروا تارك الصلاة، ومنهم عمر بن الخطاب (١٣) رضي الله عنه، ونقل عبد الله بن شقيق، وهو من التابعين الثقات، نقل عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم عمومًا القول بتكفير تارك الصلاة، فقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة (١٤).

وهذا حكاية الإجماع، ولهذا حكى الإجماع -أي إجماع المسلمين على كفر تارك الصلاة- حكاه إسحاق بن راهويه، الإمام المشهور، فقال: لم يزل الناس منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا يقولون بأن من ترك الصلاة فهو كافر (١٥). وعلى هذا فيكون دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع إن صح الإجماع، وإلا فقول جمهور الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>