للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} إلى أن قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٢٩، ٢٣٠]، وهل هذا شامل للأحرار والعبيد أو لا؟ فيه خلاف؛ ولهذا يقول المؤلف: (يملك من كله حُرٌّ أو بعضه ثلاثًا، والعبد اثنتين)، فعلى هذا يكون المعتبَر الزوج؛ فإن كان حُرًّا ملك ثلاثًا، وإن كان عبدًا لم يملك إلا اثنتين، وإن كان مُبعَّضًا -يعني بعضه حر وبعضه رقيق- ملك ثلاثًا، وهذا هو المشهور من المذهب؛ أنه يُعتبر بالرجال، فإذا كان الرجل حُرًّا، ولو كانت زوجته أمة ملك ثلاثًا، وإن كان رقيقًا ولو كانت أمته حرة ملك اثنتين فقط، فإذا طلق اثنتين؛ لم تحل له الزوجة حتى تنكح زوجًا غيره.

وقال بعض العلماء: إن المعتَبر الزوجة، فإذا كانت حُرَّة ملك الزوج ثلاثة، وإن كانت أمة ملك اثنتين سواء كان الزوج حُرًّا أو رقيقًا.

وقال بعض العلماء: إنه يُعتبر بهما؛ إن كانا حُرَّيْن فثلاثًا، وإن كانا رقيقين فاثنتين، وإن كان أحدهما حُرًّا والآخر رقيقًا فإنه يملك الثلاثة.

وقال بعض العلماء -وهو قول رابع-: إنه يملك الزوج ثلاثًا سواء كان حُرًّا أو رقيقًا، وسواء كانت الزوجة حرة أو رقيقة. وهذا مذهب أهل الظاهر، وكأن ابن القيم يميل إليه في زاد المعاد؛ لأن النصوص عامة: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]، ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: ٢٣٠]، ولم يستثنِ الله تعالى شيئًا؛ ولأن وقوع الطلاق من الحُرِّ والعبد على حد سواء، كل منهم يُطلِّق راغبًا أو راهبًا، وكل منهم له تعلق بالمرأة، والآثار المرفوعة في ذلك ضعيفة لا تقوم بها حجة، والآثار الموقوفة عن الصحابة متضاربة ( ... )، فتطرح ونبقى على العموم، والحمد لله أن هذه المسألة في أوقاتنا الآن فرضية، إلا أن يفتح الله على المسلمين جهادًا في سبيله ويحصل الاسترقاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>