ثم قال:(باب الشك في الطلاق) يعني في وقوعه، وهل أوقعه؟ وهل وُجِد شرطه؟ فالشك في الطلاق يتضمن ثلاثة أمور: هل أوقعه، أو لا؟ هل وقع أو لا؟ هل وُجد شرطه أم لم يُوجد؟ كل ذلك شك في الطلاق، والشك في الطلاق لا عِبرة به؛ لأن الأصل بقاء النكاح، ودليل ذلك حديث عبد الله بن زيد في الرجل يُخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:«لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»(٤)، فالأصل بقاء طهارته إلا بدليل؛ هذا من السنة.
وأيضًا من النظر أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، حتى يثبت ذلك؛ ولهذا قال الله عز وجل:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}[النساء: ٦]؛ لأنك لو لم تُشهد للزمك المال؛ لأن الأصل بقاؤه وعدم دفعه، والله أعلم.
طالب:( ... ).
الشيخ: في وجود لفظه، أو عدده، أو شرطه، الشك يعني التردد في وجوده، أو وقوعه، أو عدده؛ هذا الشك؛ يشك بوجوده أو وقوعه، مثل أن يكون معلقًا على شرط فيشك في وجود الشرط، (أو عدده) بأن يشك هل طلق واحدة أو ثلاثًا؟
وهنا قاعدة أثبتها النبي عليه الصلاة والسلام فيمن شكا إليه، أنه يُخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:«لَا يَنْصَرِفْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»(٤)، فنهاه أن ينصرف إلا بيقين؛ لأنه كان بالأول مُتيقنًا للطهارة شاكًّا في الحدث، والشك لا يزيل اليقين؛ اليقين لا يُزال إلا بيقين؛ هذا هو الأصل في هذا الباب، الأصل في هذا الباب هذا الحديث الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام:«لَا يَنْصَرِفْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا».
هذا الدليل، أما التعليل في هذا الباب؛ فإن الأصل بقاء ما كان على ما كان، الأصل عدم التغير، وأن الأمور باقية على ما هي عليه. هذه قاعدة.