وقوله:(وإن لم يُنْزِل) هذه أيضًا إشارة خلاف، فإن بعض أهل العلم يقول: لا بد من الإنزال؛ لأنه ما يتم ذَوْق العُسَيْلَة إلا بالإنزال، فإن كمال اللذة لا يحصل إلا بالإنزال، مجرد الجماع ما يحصل به كمال اللذة، وعلى هذا فلا بد أن يُنْزِل؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ»(٤)، ولكن جمهور أهل العلم على عدم اشتراط ذلك، فحينئذٍ يكون القول الصواب في هذه المسألة وسطًا بين طرفين, ما هما الطرفان؟
الطرف الأول: أن مجرد العقد يكفي، والطرف الثاني: أنه لا بد من إنزال، الوسط أن العقد مجرَّده لا يكفي، وأن الإنزال ليس بشرط، وعلى هذا فيكون وسطًا.
وغالب أقوال أهل العلم إذا تأملتها تجد أن القول الوسط يكون هو الصواب في الغالب؛ لأن الذين تطرَّفوا من جهة نظروا إلى الأدلة من وجه، والذين تطرفوا من جهة نظروا إليها من الوجه الثاني، والذين توسَّطوا نظروا إليها من الوجهين، فكان قولهم وسطًا، وهو الصواب، يكون غالبًا، لو تأملت الخلاف بين الناس؛ سواء فيما يتعلق بالعقائد، أو فيما يتعلق بالأعمال، وجدت أن القول الوسط في الغالب هو الصواب.
ولهذا قول الجمهور في هذه المسألة هو الصواب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما اشترط الإنزال، بل قال:«حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ»، وهذا حاصل بمجرد الجماع.
قال بعض الناس: إننا نأخذ من هذا الحديث ما حدث، وهو ما يسمى بشهر العسل، هل هذا صحيح؟