للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفرق بينها وبين الأذان: أن الأذان يكون إعلامًا للصلاة بالتهيؤ لها والاستعداد لها، والإقامة: إعلام بالصلاة للدخول فيها والإحرام بها، هذا هو الفرق بينهما.

ويأتي أيضًا الفرق بينهما -إن شاء الله- فيما بعد في صفة الأذان يختلف عن صفة الإقامة.

قولنا: إن الأذان والإقامة عبادة، إذن فيهما ثواب؛ لأن كل عبادة تشتمل على شرطيها وهما: الإخلاص والمتابعة، يكون فيها الثواب، وعندنا في الصلاة أذان وإقامة، وإمامة.

واختلف العلماء أيهما أفضل؟ والصحيح أن الأفضل الأذان؛ الأذان أفضل من الإمامة

؛ لورود الأحاديث الدالة على فضله (١٣).ولكن إذا قال قائل: الإمامة ربطت بأوصاف شرعية؛ مثل: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» (١٤)، ومعلوم أن الأقرأ أفضل، فقرنها بالأفضل دليل على أفضليتها؟

فنجيب على ذلك بأن نقول: نحن لا نقول: إنه لا أفضلية في الإمامة، بل الإمامة ولاية شرعية ذات فضل، ولكننا نقول: إن الأذان أفضل من الإمامة؛ لما فيه من إعلان ذكر الله عز وجل، وتنبيه الناس على سبيل العموم، والإمام إنما يكون إمامًا لمن؟ لمن خلفه فقط، لكن المؤذن إمام لكل من سمعه، كل من سمعه يقتدي به، ويقوم يصلي مثلًا، ولأن الأذان أشق من الإمامة؛ لأن المؤذن دائمًا يكون مشغولًا بتحري الوقت والاستعداد له، لا سيما في الزمن السابق؛ حيث لا ساعات هناك.

فإن قال قائل: إذا كان الأذان أفضل -كما زعمتم- فلماذا لم يؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، فقد كانوا أئمة ولم يكونوا مؤذنين؟

فالجواب: أنهم اشتغلوا بالأهم عن المهم؛ لأن الإمام يتعلق به جميع الناس، ويحتاج إلى التفرغ لهم، فلو فرَّغ نفسه لملاحظة الوقت لانشغل بذلك عن مهمات المسلمين، فكان ترك النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين الأذان لا لزهد فيه أو قلة فيه، لكن من أجل انشغالهم بما هو أهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>