الشيخ: لا، إذا تغيَّر بمجاورة ميتة فإنه سبق أنه لا يكون نجسًا؛ لأنها لم تكن فيه وهذه الجملة أو هذا الحكم مُجمع عليه على أن ما تغير بنجاسة فإنه نجس بالإجماع، وقد وردت أحاديث وإن كانت ضعيفة فيها ما يدل على ذلك مثل:«الْمَاءُ طَهُورٌ»، حديث أبي أمامة:«الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى طَعْمِهِ أَوْ لَوْنِهِ أَوْ رِيحِهِ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ»(١).
النجاسة (ما تغير بنجاسة) أي نجاسة تكون؟
طلبة: إي نعم.
الشيخ: حتى لو كان بول آدمي أو عذرته المائعة؟
طلبة: لا.
الشيخ: إي، حتى لو كان كذلك، حتى لو كانت النجاسة يُعفى عن يسيرها كالدم.
طلبة: إي نعم.
الشيخ: نعم، ما تغير بنجاسة، فهو نجس، هذا واحد.
قال:(أو لاقاها وهو يسير)(لاقاها) يعني لاقى النجاسة.
(وهو يسير) جملة (وهو يسير) حالية؛ يعني: والحال أنه يسير، وما هو اليسير؟ ما دون القلتين، فإذا لاقاها وهو يسير سواء تغير أم لم يتغير.
إذا تغير، واضح الدليل الإجماع، والأحاديث التي أشرنا إليها، والتعليل؛ لأنه لما تغيَّر بالخبث صار خبيثًا؛ فهو دليلها الأثر والتعليل.
لكن (أو لاقاها وهو يسير)، ما هو الدليل على أن ما لاقاها وهو يسير، وإن لم يتغير فهو نجس؟
«إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»(٢)، وفي لفظ:«لَمْ يَنْجَسْ»(٣). وقد سبق الكلام عليه، وبينا أن هذا يدل بمنطوقه على أنه لا ينجس إذا بلغ هذا المبلغ، وأما إذا لم يبلغ فإنه يدل بمفهومه على أنه ينجس، ولكن المنطوق:«الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى لَوْنِهِ»(٤) مقدم عليه.
وعلى هذا فيكون قوله:(أو لاقاها وهو يسير) الصحيح أنَّ هذا ليس من قسم النَّجس حتى يتغيَّر.
ويُستثنى من ذلك على المذهب (أو لاقاها وهو يسير) ما إذا لاقاها في محلِّ التطهير، فإنه لا ينجس، كيف في محل التطهير؟