وهذا الفصل من أهم الفصول في هذا الباب، وذلك أن الأصل فيما وُلِدَ على فراش الإنسان أنه ولده، والشبه التي تعترض الإنسان في هذا الأمر يجب أن يلغيها وألَّا يلقي لها بالًا؛ لأن الشرع يحتاط للنسب احتياطًا بالغًا؛ لأن عدم إلحاقه بأحد معناه أنه يضيع نسبه ويبقى مُعَيَّرًا ممقوتًا بين الناس، ويحصل له من العُقَد النفسية والآلام ما لا يخفى؛ فلهذا كان حرص الشارع كبيرًا على إلحاق النسب.
قال المؤلف:(من ولدت زوجته بمن أمكن أنه منه لحقهُ) هذه قاعدة عامة: (من ولدت زوجته)، ومعلوم أنه لا تكون زوجة إلا بعقد صحيح.
(من أمكن أنه منه لحقه) شوف: (من أمكن أنه منه) فإنه يلحقه ويكون ولدًا له، والدليل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ»(١٢).
وعُلِمَ من قوله:(من ولدت زوجتُه) أنه لو ولدت أنثى غير زوجته؛ مثل امرأة زنى بها -والعياذ بالله- فولدت ولدًا منه يلحقه، ولَّا لا؟
طالب: ما يلزم.
الشيخ: ولدت ولدًا منه يقينًا، هل يلحقه أم لا؟
طلبة: ما يلحقه.
الشيخ: إي نعم، واضح (من ولدت زوجته) فلا يلحقه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:«لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ»، العاهر: الزاني.
طيب، إذا استلحقه ولم يدعه أحد، قال: أنا أبيه، ولدي وينسب إليَّ، يلحقه ولَّا لا؟ لا يلحقه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ».
طالب: الحجر؟
الشيخ: الحجر، تعرف الحجر الحصاة؟
الطالب: نعم.
الشيخ: إي نعم، يعني معناه ما له شيء، إذا ادعاه خذ حصاة وحطها بفمه.
إذن حتى لو قال الزاني: أنا أب الولد هذا، انسبوه إليَّ، ما ينتسب إليه، حتى لو تزوج المزني بها فيما بعد، كما يجري عند بعض الناس إذا زنى بامرأة وحملت منه، قالوا: نبغي نستر عليها، نخليه يتزوجها، ويستلحق الولد، وتكون زوجته، ويكون الولد ولده، ويكون في هذا ستر على الجميع وفك مشاكل؛ لا تعير الأم، ولا يعير الولد.