للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما حكم العدة فواجب؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ}؛ قال أهل العلم: إن هذا خبر بمعنى الأمر، وإنما جاء بصيغة الخبر لإقراره وتثبيته، كأنه أمر مفروغ منه، وكذلك قوله: {وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]، فالعدة إذن واجبة، ولكن لا بد من شروط.

أولًا: قال المؤلف: (كل امرأةٍ فارقَتْ زوجها).

كلمة (امرأة) هنا لا يعني أن تكون بالغة، ما هو شرط، المراد الأنثى، كل أنثى فارقت زوجها.

وقول المؤلف: (فارقت) لم يقل: طلَّقها؛ لأجل أن يشمل جميع أنواع الفرقة بموت أو حياة؛ كالفسخ لعيب، أو خلاف شرط، أو إعسار بنفقة على القول به، أو غير ذلك.

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد ذكر أن فرقة النكاح عشرون نوعًا، كلها تسمى فرقة، إنما الضابط: كل امرأة فارقت زوجها بموت أو حياة، والفراق بالحياة إما طلاق وإلا فسخ.

يقول: (خلا بها)، خلا بها عن مَنْ؟ خلا بها عن مُمَيِّز، يعني صار هو وإياها في مكان لم يحضرهما أحد له تمييز؛ هذا المراد بالخلوة، فـ (خلا بها) يعني: عن مميز.

يقول: (خلا بها مُطاوِعَة)، هذا شرط الخلوة؛ أن تكون مطاوعة، فلو أكرهت على الخلوة فلا عدة وإن خلا بها؛ وذلك لأن وجوب العدة بالخلوة.

( ... ) خلا بها الزوج وهو أقوى منها وإن كانت مكرهة، يمكن يجامعها.

قال: (مع علمه بها وقدرته على وطئها).

(مع علمه بها) أي: بأن يخلو بها وهو يعلم أن في المكان امرأة، فإن كان لا يعلم، مثل أن يكون أعمى ولا عَلِم بها، أو يكون أُدْخِل عليها في حجرة ليس فيها إضاءة ولم يعلم بها، فلا عِدَّة، لماذا؟ لأن ما فيه مظنة وطء، فلا عدة.

قال: (وقدرته على وطئها ولو مع ما يمنعُه)، وهذا شبه تناقض: (قدرته على وطئها) يعني بأن يكون قادرًا لكن من حيث الجسمية، وإن كان هناك مانع؛ ولهذا قال: (ولو مع ما يمنعه منهما) أي من الزوجين.

<<  <  ج: ص:  >  >>