للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما بالكم الآن في أولئك القوم الذين يصرفون للناس من بيت المال رصدًا على أعمال لم يعملوها، وهو ما يسمى أحيانًا بخارج الدوام، وأحيانًا بالانتداب، وهم لم ينتدبوا، ولم يشتغلوا خارج الدوام، يكون هذا حرامًا ولَّا حلالًا؟ حرامًا على من رتب هذا الرصد، وحرامًا على من أخذ هذا الرصد؛ ولهذا لو تعاون الناس على البر والتقوى لكان الذي يعطون هذه الرواتب وهم لم يعملوا لكانوا يرفضونها، فإذا رفضوها وقع المسؤول الذي فوقهم في الحرج، ووقع في الفخ، وحينئذٍ تعلم به الدولة، وتجري عليه ما يلزم إجراؤه على أمثاله، لكن مع الأسف أن كثيرًا من الناس اليوم غلب عليهم الشح، فيسكتون أو يتغافلون، ويقول: هذا رزق جابه الله، وما علم أن الله يمتحن العبد بتسهيل أسباب الحرام عليه ليبلوه، كما أنه يعسر عليه أحيانًا سبل الطاعة امتحانًا له؛ ليعلم هل هو حريص على الطاعة وصادق في طلبها، فيفعل ولو مع التعسف، وهل هو صادق في كراهة الحرام والبعد عنه، فلا يفعله ولو مع التيسر، أليس كذلك؟

أنا أخبرتكم بهذا ليس شكاية لهؤلاء القوم؛ لأن شكاية هؤلاء القوم على الله عز وجل، وسيجدون حسابهم يوم يخرجون من قبورهم حفاة عراة غرلًا، لكن أخبرتكم بذلك من أجل أن تناصح عباد الله الذين يفعلون مثل هذه الأمور؛ لأنه ما منكم من أحد إلا ويسمع مثل هذه القضايا أو له قريب يمارس هذا الأمر، أو ما أشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>