للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي إحدى عشرةَ يَحْدُرُها ويُقيمُ مَن أَذَّنَ في مكانِه إن سَهُلَ، ولا يَصِحُّ إلا مُرَتَّبًا متوالِيًا من عَدْلٍ ولو مُلْحِنًا أو مَلحونًا، ويُجْزِئُ من مُمَيِّزٍ، ويُبْطِلُهما فَصْلٌ كثيرٌ، ويَسيرٌ مُحَرَّمٌ، ولا يُجْزِئُ قبلَ الوَقتِ إلا الْفَجْرُ بعدَ نِصفِ الليلِ، ويُسَنُّ جُلوسُه بعدَ أذانِ الْمَغرِبِ يَسيرًا، ومَن جَمَعَ أو قَضَى فَوائِتَ أَذَّنَ للأُولى ثم أقامَ لكلِّ فَريضةٍ،

(تشاحَّا فيه) يعني: تزاحمَا فيه، كل واحد منهما يطلب أن يكون هو المؤذِّن، بأن تقدَّم إلى هذا المسجد رجلان كل منهما يريد أن يكون هو المؤذِّن.

ومن المعلوم أن هذا في مسجد لم يتعين له مؤذِّن، فإن تعيَّن له مؤذِّن بقي الأمر على ما كان عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» (١)، كذلك لا يؤذِّن الرجل في سلطان مؤذِّن آخر، فإذا كان قد رُتب للمسجد مؤذِّن فلا يجوز لأحد أن يزاحمه؛ لأنه أهل، ونَزل منزلًا شرعيًّا، فلا يجوز الاعتداء عليه.

لكن إذا كان المسجد من الآمر نطلب له مؤذِّنًا، فتقدم له مؤذنِّان كل واحد يقول: أنا. يقول المؤلف: (قُدِّمَ أفضلهما فيه)، أفضلهما في الأذان، يعني: فيما يتعلق بالأذان هو المقدَّم، فمثلًا: الصوت يدخل في هذا ولَّا لا؟

أحسنهما صوتًا وأداءً وأقواهما يُقدَّم، الأمانة تدخل في هذا أيضًا، العلم بالوقت كذلك يدخل في هذا، إذن يُنْظَر أفضلهما في الأذان، لماذا؟ لأنهما تزاحمَا في عمل فقُدِّمَ أقومهما به، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: ٢٦].

ثم بعد ذلك (أفضلهما في دينه وعقله)، (أفضلهما في دينه) واضح، يعني إذا وجدنا أحدهما أطوع لله عز وجل من الآخر فإننا نقدمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>