للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم في (عقله) ويش العقل؟ يعني: العقل حسن الترتيب، أن يكون عنده عقل يستطيع أن يُرتب نفسه، يستطيع أن يمشي مع الناس؛ لأن بعض الناس ما عنده سعة عقل، ما يتحمل من الناس أدنى شيء، فإذا كان هذا الرجل عاقلًا ونعرف أنه سيصبر على أذى الناس؛ لأن الناس مهما كان الإنسان لا بد أن يحصل عليه اعتراض وأذى، وإذا كان الإنسان عاقلًا صار أشد تحملًا.

ولم يذكر المؤلف أفضلهما في علمه، وهذا أمر لا بد منه، فإننا نقدِّم أعلمهما؛ لأن غير العالم قد يجهله بعض الأمور.

فإذا قال قائل: ربما يؤخذ ذلك من قوله: (أفضلهما فيه)، بحيث يكون الأعلم بأحكام الأذان داخلًا في قوله أيش؟ (أفضلهما فيه)، فإن تحملت هذه الكلمة الأعلم فهذا هو المطلوب، وإن لم تتحمل فإنه يجب أن ننظر إلى علمه؛ لأن بعض المؤذِّنين مثلًا لو يأتي متأخرًا فيسأل: هل يؤذن أو يقتصر على أذان المساجد الأخرى، إذا كان معه علم عرف كيف يتصرف؛ وكذلك إذا كان معه عقل يعرف كيف يتصرف، إذا كان أعقل يقول: والله الآن مضى نصف ساعة بعد الأذان، لو أذَّنت الآن لشوَّشْت على الناس، وقد حصل الفرض بأذان مَن حولنا، إذن لا أُؤَذِّن، وأن هذا عقل، ولهذا قال:

(ثم أفضلهما في دينه وعقله، ثم مَن يختاره الجيران)، مَن هم الجيران؟

جيران المسجد يعني أهل الحي، يعني لو تقدَّم الرجلان وجدنا أنهما مستويان فيما يتعلق بالأذان، مستويان في الدين والعقل، نرجع إلى مَن يختاره الجيران، ولكن إذا قال قائل: متى نجد مؤذِّنًا يُجمِع الجيران على اختياره كما هو ظاهر عبارة المؤلف (الجيران)؟

نقول: إذا تعذَّر إجماعهم على اختياره أخذنا بقول الأكثر؛ لأنه قلَّ أن تجد رجلًا يجتمع الناس على اختياره، فنأخذ بقول الأكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>