للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم من رحمة الله عز وجل أنه جعله يخرج مع هذه الحلمة، وليس في شق واحد، هذه مُخَرَّقة عدة خروق لأجل ألَّا ينزل بسرعة فيشرق الطفل فيموت، ولكنها خروق عدة وصغيرة جدًّا، وبهذا كله يتبين حكمة الله عز وجل، وأنه لا ينبغي العدول عن هذه الحكمة العظيمة لإسقائه لبنًا أجنبيًّا، كما فعل بعض الناس، مع أن الأطباء متفقون على أن لبن الأم خير للطفل من أي لبن آخر، وهذا هو الذي يليق بحكمة الله تعالى الكونية والشرعية، ولهذا ينبغي للمرأة ألَّا تدع إرضاع ولدها لمدة سنتين، كما قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣].

الرضاع في الحقيقة يشارك النسب في بعض الأمور، ويفارقه في أكثر الأمور، مما يشارك النسب فيه قوله: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»، وهذا لفظ الحديث: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»، هكذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحرُم من الرضاع ما يحرُم من النسب، يعني بالنسبة للمحرَّمات في النكاح، فكل مَن تحرُم بالنسب فهي حرام بالرضاع.

وقد أشار الله عز وجل إلى ذلك في قوله: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣].

هذا إشارة إلى الأصول: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}، وإشارة إلى الحواشي: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}، ويش بقي ما دخل في الآية؟ الفروع، لكن يقال: إذا كان الأصول والواشي يحرُم فالفروع من باب أولى؛ لأن الفرع بعض من الأصل، ولكن جاء الحديث فأَجْمَلَ وَعَمَّ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>