للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندي أن هذا أيضًا ضعيف، وأن رضاع الكبير لا يؤثر مطلقًا إلا إذا وجدنا حالًا تشبه حال سالم مولى أبي حذيفة من كل وجه، وهذا في وقتنا متعذِّر، لأنه متى نجد شخصًا تَرَبَّى عند قوم على أنه ابن لهم بحسب الادعاء السابق، ومعلوم أن من كان عندك على أنه ابن لا يكون مثل مَن كان عندك على أنه خادم، أليس كذلك؟

طلبة: بلى.

الشيخ: في عدم الاحتشام منه، فإذا وُجِدَ أحد قد صار عنده شخص قد تبناه، وهذا شيء ممتنع، لا بأس أن نقول: على سبيل الفرض، ثم أُبْطِل التبني، وصار يتعذر أو يتعسر الاحتشام من هذا الإنسان، فحينئذ يُبَاح، فالخصوصية الوصفية ..

طالب: صارت متعينة.

الشيخ: صارت متعذِّرة.

الطالب: متعذرة، قصدت متعيِّنة في سالم فقط.

الشيخ: إي نعم، لكن متعذِّرة في وقتنا الحاضر، فكلام شيخ الإسلام رحمه الله قوي جدًّا، لكن إذا أردنا أن نضيِّق النطاق بحيث يكون مطابقًا لهذه الخصوصية من كل وجه وجدنا أن هذا في زمننا ممتنع، ولَّا لا؟ ممتنع، وحينئذ نرجع إلى قول الجمهور، وأنه بعد تلك الحادثة لم نعلم أنها وقعت في عهد الرسول مثلها، وأما بعد عهده فالأمر متعذِّر.

ويدل لذلك -أنه لا يمكن- أن الرسول عليه الصلاة والسلام دخل على عائشة وعندها رجل كبير، فتغيَّر وجهه وغضب، وقال: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ»، و (إنما) هذه أداة حصر، ومعنى الرضاعة من المجاعة أن الرضاعة لا تنفع إلا إذا كانت هي التي يندفع بها جوع المرتضع، وهذا لا يكون إلا إذا كان قبل الفطام، هو اللي يتعين ألَّا يندفع جوعه إلا باللبن، أما الكبير فيندفع جوعه بماذا؟ بالأكل والشرب، الطعام والشراب، هذا واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>