للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اختلف القائلون بأنه خاص: هل هي خصوصية وصف، أو خصوصية عين؟ والفرق بينهما إذا قلنا: إنها خصوصية عين، فمعنى ذلك أنها خاصة بعينِ سالم فقط لا تتعداه إلى غيره، وإذا قلنا: إنها خصوصية وصف صارت متعدية إلى غيره ممن تشبه حاله حال سالم، وقد مر علينا كثيرًا بأن الرسول عليه الصلاة والسلام، بل بأن الشرع كله ليس فيه خصوصية عين أبدًا، حتى خصائص النبي عليه الصلاة والسلام لم يُخَصَّ بها لأنه محمد بن عبد الله، لكن لأنه رسول الله، خُصَّ بذلك لأنه رسول الله، والرسالة ما أحد يشاركه فيها؛ لأنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم.

الآن اختلف العلماء في الجواب عن حديث سالم مولى أبي حذيفة على ثلاثة أقوال في البسط، وعلى قولين في الاختصار، ما هما القولان؟

طالب: أنه منسوخ.

الشيخ: أنه منسوخ، والثاني؟

طلبة: أنه خاص.

الشيخ: أنه خاص.

أما دعوى النسخ فإنها لا تصح، لماذا؟ لأن من شرط النسخ أن نعلم التاريخ، وهنا لا نعلم، ولو ادَّعَيْنَا النسخ لكان خصومنا أيضًا يَدَّعُون علينا النسخ، ويقولون: إن الأحاديث التي تدل على أنه لا رضاع إلا في الحولين منسوخة لحديث سالم، أرأيتم هذا وهمهم، يعني ليست دعوانا عليهم بأقوى من دعواهم عليها.

وأما التخصيص فالتخصيص بالعين لا نراه، والأصل عدم التخصيص، ثم لو كان هذا من باب الخصوصية العينية لكان الرسول عليه الصلاة والسلام يُبَيِّن ذلك كما بَيَّنَ لأبي بردة حين قال: «إِنَّهَا لَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»، ما يترك الناس هكذا.

أما خصوصية وصف فالأمر فيها قريب، وقد اختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: إنه إذا كان المقصود بالإرضاع التغذية فإنه لا يكون إلا في زمن الرضاعة، وإذا كان المقصود بالرضاع دفع الحاجة جاز ولو للكبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>