وأما مخالفته للسنة فلأن فاطمة بنت قيس طلَّقها زوجها آخر ثلاث تطليقات، وأرسل إليها بخمسة آصع من التمر، وخمسة آصع من الشعير، ولكنها أبت إلا أن يكون لها السكنى، فارتفع الأمر إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقال:«إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى»(٧)، إنما السكنى والنفقة لمن كان لزوجها عليها رجوع. (٨)
وهذا معناه واضح جدًّا؛ أن المرأة البائن بالطلاق ليس لها لا نفقة ولا سكنى.
وعلى هذا فإنه يكون مخالفًا للسنة، كما أنه مخالف لسياق الآيات من جهة أخرى؛ لأن قوله:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} يدل على أنه إذا لم يَكُنَّ أولات حمل فلا نفقة لها، وهم يقولون بأن لها نفقة.
لكنهم أجابوا على هذا بجواب فيه برودة، قالوا: إن الله قال: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ}؛ لأنه ربما يطول الحمل فلا ينفق الإنسان إلا مقدار ثلاث حِيَض فقط، فقال:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، فيكون هذا الشرط فائدته فيما لو طال الحمل ألَّا يقول الإنسان: لا أنفق إلا مقدار عدة الحائل.
لكن هذا كما تعلمون بعيد؛ لأن الحامل لا تزال في عدة حتى تضع الحمل طالت أم قصرت.
أما الذين قالوا: إن لها السكنى دون النفقة، فقالوا: إن الآية ظاهرة في ذلك دون النفقة إلا أن تكون حاملًا، كيف ظهورها؟
أول الآيات لا شك أنه في الرجعية؛ لقوله: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ١، ٢]، وهذا التخيير يمكن في البائن ولَّا لا؟