للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» (١٩)، فقالوا: إن بلالًا يؤذِّن بليل، ولكن هذا الدليل لا يصح به الاستدلال، الدليل صحيح، ولكن الاستدلال غير صحيح، أولًا: لأن الرسول عليه الصلاة والسلام صرَّح في الحديث بأن هناك مَن يؤذِّن إذا طلع الفجر، فتحصل به الكفاية، من هو؟

طلبة: ابن أم مكتوم.

الشيخ: ابن أم مكتوم، ومعلوم أنه إذا كان فيه مَن يؤذِّن لصلاة الفجر حصلت به الكفاية، ثانيًا: أنه قد بَيَّنَ في الحديث كما أخرجه الجماعة «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ ليُوقِظَ النَّائِمَ ويُرْجِعَ الْقَائِمَ» (٩)، إذن فليس أذانه لصلاة الصبح، ولكن أذانه مِنْ أجل أن يوقِظ النائم ليتَسَحَّرَ، ويُرجع القائمَ من أجل أن يَتَسَحَّرَ أيضًا، يدع القيام ويَتَسَحَّر، هذا هو الحكمة من أذان بلال، وليست الحكمة أنه يؤذِّن لصلاة الفجر، ولهذا لا يُقَالُ فيه: الصلاة خير من النوم؛ لأنه ما بعدُ حان وقت الصلاة.

وقول المؤلف: (يصح بعد نصف الليل) أيضًا هذا فيه مناقشة:

حديث بلال الذي استدلوا به، هل يدل على أن الأذان بعد نصف الليل؟ لا، بل يدل على أن الأذان قريبٌ من الفجر، وجهه أنه قال: «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، وقال: «لِيُرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ»، وهذا دليل على أنه لم يكن بين أذان بلال والفجر إلا مدة وجيزة بمقدار ما يَتَسَحَّر الصائم، فأين نصف الليل من هذا الحديث؟

فكلام المؤلف إذن فيه نظر من وجهين:

الوجه الأول: أن ظاهر كلامه يجزئ الأذان لصلاة الفجر قبل طلوع الفجر، وإن لم يوجَد مؤذِّن بعد الوقت، والحديث لا يدل على هذا، ليش؟

طلبة: ابن أم مكتوم ..

الشيخ: لأن فيه ابن أم مكتوم يؤذِّن بعد الفجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>