للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا قد يستفاد من قوله: «إِذَا حَضَرَتْ» أن المراد حضورها وحضور فعلها، ولهذا لما أراد بلال أن يؤذِّن، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في شدة الحر فزالت الشمس، فقام ليؤذن قال: «أَبْرِدْ»، ثم انتظر، ثم قام ليؤذن قال: «أَبْرِدْ»، حتى رأوا فَيْءَ التلول، بل حتى ساوى التلُّ فَيْئَهُ -يعني قريب العصر- ثم أمره بالأذان (١٨)، فهذا يدل أيضًا على أن الأذان ينبغي أن يكون عند إرادة فعل الصلاة، ينبني على ذلك لو كانوا جماعة في سفر أو في نزهة، وأرادوا صلاة العشاء، وأحبوا أن يؤخِّرُوها إلى الوقت الأفضل وهو آخر الوقت، متى يؤذِّنُون؟ عندما يريدون فعل الصلاة، لا عند دخول وقت العشاء.

إذن هذا الدليل: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ».

التعليل: لأن الأذان إعلام بماذا؟ بدخول وقت الصلاة، والإعلام بدخول الشيء لا يكون إلا بعد دخوله، وعلى هذا فلو أذَّن قبل الوقت جاهلًا، قلنا له: إذا دخل الوقت فأَعِدِ الأذان، وهذا يقع أحيانًا فيما إذا اغترَّ الإنسان أو غَرَّتْهُ ساعتُه، نظر إلى الساعة، فظنَّ أنها مثلًا الثانية عشرة، الظهر، وهي الحادية عشرة، فأذَّن، نقول: هذا الأذان غير صحيح، ولو كان جاهلًا إذا جاء الوقت فلا بد أن تؤذّن.

قال المؤلف: (إلا الفجر بعد نصف الليل)، (إلا الفجر) استثنى المؤلف الفجر، وذكر متى يصح، قال: (بعد نصف الليل)، فيصح الأذان له، وإن لم يؤذن في الوقت، وعلى هذا فلو أن المؤذِّنِين أَذَّنُوا في الساعة الثانية عشرة اليوم، بل قبل الساعة الثانية عشرة ..

طلبة: الثانية عشرة إلَّا ثمان ..

الشيخ: إلا ثمانٍ، إي نعم، أذَّنُوا في هذا الوقت، ولما طلع الفجر ما أذَّنُوا، يجزئ ولَّا لا؟

طالب: على قول المؤلف ..

الشيخ: على كلام المؤلف يجزئ، وظاهر كلام المؤلف: لا فرق بين أن يكون معه مؤذِّن آخر يؤذن في الوقت أو لا؛ لأنه أطلق الدليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>