للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل العلم: بل له ذلك؛ لأنه أعلم بنفسه، وهذا الرجل اختار القصاص، فالرسول خيَّره فاختار القصاص، فإذا رجع إلى الدية فليس له أن يرجع إلا برضا الجاني، والجاني قد يختار القصاص على الدية، كيف؟ يكون رجلًا بائسًا؛ قد مَلَّ من الدنيا وأتعبته، ويقول: لعل إذا قتلت قصاصًا أستريح، مثلما فيه واحد يسأل، يقول: أنا -واللهِ- سئمت من الدنيا جدًّا، ومللت منها وتعبت، ودائمًا في قلق، أرغب أن أذهب إلى أفغانستان لأجاهد فأقتل، هل أنال أجر الشهداء؟ هذا تراه سؤال ورد عليَّ حقيقة، ويش تقولون في هذا؟

طالب: ( ... ).

الشيخ: إي، هذا حرامٌ عليه أنه يروح عشان يقتل، إي نعم.

أقول: إنه ربما يختار الجاني القصاص على الدية لمثل هذه الأمور، لكن مذهبنا خلافًا لمذهب مالك؛ مالك يقول: ما له يرجع، لكن مذهبنا يقول: إن له الرجوع؛ لأنه نزولٌ من الأشد إلى الأخف.

قال المؤلف: (أو عفا عن الدية فقط) كيف عفا عن الدية فقط؟ يعني: لما خُيِّر، قال: أنا عفوت عن الدية، هل يكون عفوًا عن القصاص؟ لا؛ لأن لديه شيئين إذا عفا عن واحد تعين الثاني، كما لو عفا عن القصاص فله الدية، فإذا عفا عن الدية فله القصاص.

يقول: (فله أخذها) أخذ الدية، (وله الصلح على أكثر منها) يعني: إذا اختار القصاص، ثم إن القاتل أو أصحاب القاتل أو أهل القاتل قالوا لولي المقتول: لا تقتله، ونحن نعطيك بدل الدية ديتين، أو ثلاث ديات، أو أربع، أو عشر، أو ( ... )، أو شوف أضخم واحدٍ منكم لأولياء المقتول وأكبره جرمًا وضعه في كفة ميزان، ونحن نضعه لك ذهبًا في كفة الميزان الآخر، ولكن لا تقتلوا صاحبنا، يجوز ولَّا لا؟

طالب: ( ... ).

الشيخ: إي نعم؛ ولهذا يقول المؤلف: (فله الصلح على أكثر منها)؛ لأنه لما اختار القصاص تعين له، فله أن يبيعه بما شاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>