(ويُسنُّ لسامعه متابعته سرًّا)، كلمة (يُسنُّ) اعلم أن السنة لها إطلاقان: إطلاق اصطلاحي عند الفقهاء، وإطلاق شرعي في لسان الشارع؛ أما عند الفقهاء، فيطلقون السنة على ما يُثاب فاعله، ولا يُعاقَب تاركه؛ الشيء الذي إذا فعله الإنسان أُثيب، وإذا تركه لم يُعاقب يُسمى عندهم سُنَّة، وأما في لسان الشارع، فالسُّنّة هي الطريقة التي شرعها الرسول عليه الصلاة والسلام، سواء كانت واجبة يعاقب تاركها أو لا.
فقول أنس مثلًا: من السُّنَّةِ إذا تزوَّج الرجل البكرَ على الثَّيِّبِ أقام عندها سبعًا. (١) هذه من السنة الواجبة، وحديث ابن مسعود: من السُّنَّةِ وضْعُ اليد اليُمنى على اليسرى في الصَّلاة. (٢) هذا من السنة المستحبة.
وعلى هذا، فإذا وجدنا كلمة (يُسَنّ) أو (مِن السُّنة) في كلام الفقهاء؛ فالمراد به السنة الاصطلاحية؛ وهي التي إذا فعلها الإنسان أُثيب، وإذا تركها لم يُعاقب.
يقول المؤلف:(يُسنُّ لسامعه)، أي: سامع الأذان (متابعته سرًّا)؛ يعني لا جهرًا و (متابعته) معناه أن يقول كما يقول؛ ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ»(٣).
وقول المؤلف:(يُسنُّ لسامعه) يشمل الذكر والأنثى؛ لعمومه، ويشمل النداء الأول، والنداء الثاني؛ يعني لو كان المؤذنون يختلفون؛ فبعضهم يؤذن والبعض الثاني ما يبدأ بالأذان إلا بعد فراغ الأول، نقول: يجيب الأول، ويجيب الثاني؛ لعموم الحديث:«إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ»، ثم هو ذِكْر يُثاب الإنسان عليه، ولكن لو صلَّى، ثم سمع مؤذنًا بعد الصلاة، فهل يجيب؟ ظاهر الحديث أيضًا أنه يجيب؛ لعموم:«إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ»(٣).