للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الدليل النظري أنه لما كان الخطأ بغير قصد من الفاعل، كان من المناسب أن يخفف عنه في أداء الدية، وهو سيتحمل الكفارة؛ لأن الكفارة عليه، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، لأن الكفارة حق لله بينه وبين ربه، فهي عبادة يُلْزَم بها المكلف، وأما الدية فهي عبارة عن غرم كغرامة الأموال، فخفف عن هذا القاتل الذي لم يقصد القتل بأن حُمِّلَت أيش؟

طالب: العاقلة.

الشيخ: العاقلة، وهذا -والله أعلم- هو سر تعبير القرآن؛ حيث قال تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] ولم يقل: يسلمها إلى أهله، بل قال: {مُسَلَّمَةٌ} بالبناء للمفعول؛ لأن الذي سيسلم هذه الدية هم العاقلة. ( ... )

(صغيرًا فنهشته حية أو أصابته صاعقة أو مات بمرض أو غَلَّ حرًّا مكلفًا وقيده فمات بالصاعقة أو الحية؛ وجبت الدية).

المؤلف قال: (إن غصب حرًّا صغيرًا) فقوله: (إن غَصَب) هذا من باب التسامح والتساهل في العبارة؛ لأن الحرَّ لا يُغْصَب؛ حيث إن اليد لا تثبت عليه، ما تثبت اليد إلا على الأموال، فالحر حر ليس بمال، حتى لو غُصِبَ فإنه ليس بمال، حتى لو باعه الغاصب فليس بمال، ولا يصح البيع، فالتعبير بالغصب هنا فيه شيء من التسامح، ولكن يريد المؤلف لو أنه قَهَر حرًّا صغيرًا.

طيب العبد يُغْصَب ولَّا لا؟

طلبة: نعم.

الشيخ: العبد يمكن اغتصابه؛ لأنه مال.

هذا قهر حرًّا صغيرًا، صغيرًا؛ يعني: لم يبلغ، ومثله المجنون؛ لأن كلًّا منهما ليس له قصد، ولا يتمكن من الامتناع، فإذا أكرههما وقهرهما، (فنهشته حية) يعني: هو أكره هذا الصغير، وجاء به إلى بيته، واستخدمه كرهًا، فنهشته في البيت حية، فعليه ديته، لماذا؟ لعدوانه عليه بإكراهه على أن يبقى في هذا المكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>