وكل القوانين سوى ذلك فهي باطلة؛ لأنها ناقصة وقاصرة، حتى لو اجتمع أذكياء العالم على مشروعيتها فإنها ناقصة قاصرة، لا تفي بأي غرض من الأغراض، وإن وفت بغرض من جانب هدمت أغراضًا أخرى من جوانب أخرى، وإن قُدِّر أنها تخدم غرضًا من جانب، فإنها لا تخدم هذا الغرض إلا في أناس معينين، وفي مكان معين، وفي زمان معين، أما الأحكام الصالحة لكل زمان ومكان فإنها أحكام مَنْ؟ أحكام الله سبحانه وتعالى، وبهذا نعرف خطورة الذهاب لهذا المذهب، وهي أن نسن القوانين الوضعية التي لم يضعها الشرع ونحكم بها عباد الله، ونجعل التحاكم إليها لا إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد نوه الله تعالى عن أحوال هؤلاء فقال:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ}[النساء: ٦٠]، وتأمل كلمة {يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا}، فهم في الحقيقة غير مؤمنين، زعم فقط، والزعم قد يوافق الواقع وقد لا يوافقه، فهنا يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك، وهذا بألسنتهم، لكن قلوبهم على العكس من ذلك {يُرِيدُونَ} والإرادة محلها القلب {أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ}[النساء: ٦٠]، ولو كانوا صادقين في إيمانهم لكفروا بهذا الطاغوت، ولم يريدوا أن يكون التحاكم إليه، {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}[النساء: ٦٠].