{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} لماذا؟ {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}[التوبة: ٣٣]{لِيُظْهِرَهُ} يعني يعليه، ولسنا بحاجة إلى بيان ذلك؛ لأن هذا معلوم بالتاريخ، لما كانت الأمة متمسكة بدين الله، لا تقاتل إلا بكتاب الله وسنة رسوله مستعينة بالله عز وجل، سقطت الأديان والإمبراطوريات أمامها، سقط دين النصارى بسقوط من؟ الروم هرقل، وسقط دين المجوس بسقوط كسرى، وسقط دين المشركين بفتح مكة، فسقطت الأديان كلها وملك المسلمون مشارق الأرض ومغاربها.
ولما حصل ما حصل من مخالفة الشريعة تفرقت الأمة وتنازعت، وصار بأسها بينها، وتغلب عليها أعداؤها، فصاروا يأتون الأرض ينقصونها من أطرافها، أخذوا الأندلس، وأخذوا الشام، ومصر، والعراق، وغير ذلك، كله بسبب البُعد عن شريعة الله، وإننا هنا في هذا المكان وأنتم معنا أيضًا ندعو إلى الرجوع إلى كتاب الله، وإلى سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونضمن لكل من رجع بصدق وإخلاص في ظاهره وباطنه، في روحه وقالبه، نضمن له أن ينتصر على أعدائه مهما كانت الظروف؛ لأن الله يقول:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادِ}[غافر: ٥١] بل أبلغ من ذلك أننا نضمن له أن يكون عدوه ولو كان بينه وبينه مسافة شهر مرهوبًا منه خائفًا منه، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام:«نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»(٤).
فالحاصل أن هؤلاء القوم الشركات وغيرها من الشركات حتي يمكن ( ... ) هذا القانون، الذين يقولون: إذا مات العامل عند من استأجره فهو مضمون بكل حال، ولو كان أعقل ممن استأجره فنقول: هذا ليس بصحيح، بل إنه إذا مات وهو بالغ عاقل غير مكره ولا مأسور ولا مغرور فلا ضمان عليه بالتأجير أبدًا.