الملوحة، والعذوبة، والمرارة، والحلاوة، والحموضة، هكذا قسَّموها، هذه أصولها فيه شيء بينها ذلك، لكن هذه هي الأصول، قالوا: فإذا أذهب واحدًا منها ففيه خُمس الدية عشرون بعيرًا، وإن أزال اثنين ففيه أربعون، وهكذا، وإن أزال الكل ففيه دية كاملة، بقينا بالنسبة ( ... )
فمثلًا لو جنى على يده حتى صارت لا تحس باللمس، تلمس الحار والبارد، البارد ما تحس به، الخشن ما تحس به، اللين ما تحس به، ما تحس بشيء، فعليه دية اليد حتى لو ما تتحرك يعني هناك فرق بين الشلل وبين زوال اللمس، زوال اللمس في الجلد والشلل في الأعصاب.
وقال بعض العلماء: لا، إذا جنى على عضو فأذهب إحساسه فعليه حكومة؛ لأنه فرق بين الشلل وبين اللمس ولَّا لا؟ اللمس يُقدِّر يحرك يده، ويأخذ بها، ويعطي وكل شيء، لكنه ما يحس، والشلل ما يحركها قد فقد منفعتها بالكلية، أما لو جنى عليه حتى أذهب لمسه من جميع بدنه، وصار كل البدن ما له لمس، فهذا يجب عليه دية كاملة؛ لأنه أفقد البدن نفعًا مستقلًّا، بخلاف ما إذا أذهب إحساس شيء، أو لمس شيء معين من البدن، فإن فيه الحكومة، وهذا -والله أعلم- هو السر في أن المؤلف لم يذكره، أن في هذا الخلاف، وفي هذا التفصيل.
والأقرب عندي أن يُقال: إن أذهب لمسه بالكلية من جميع أعضاء بدنه فعليه دية، وإلا فعليه الحكومة، ولا يصح أن يُقاس إذهاب اللُّمْس أو اللَّمْس على الشلل؛ لأن بينهما فرقًا عظيمًا.
(وكذا في الكلام) الكلام فيه دية كاملة إن أذهب كلامه بالكلية حتى صار أخرس، فأما إن أذهب بعض الحروف ففيه قسطه من الدية، وكم تقسم عليه؟ على ثمانية وعشرين حرفًا، فإذا أذهب الراء مثلًا صار إذا تكلم بالراء، حطها لام أو غين يمكن ولَّا لا؟ إي نعم، يمكن، كثير هذا، فيه ناس عندهم لثغة يجعلون الراء لامًا أو غينًا، فنقول: يجب عليه بقسطه من الدية، وإن أذهب حرفين فبقسطهما وهكذا، فإن أذهب أربعة عشر حرفًا فنصف الدية، فالكلام ..