لو أضفنا إليه ترابًا، ومع اختلاطه بالتراب وترسَّب التراب زالت الرائحة، يطهر؟
على المذهب: لا، ما يطهر مع أن التراب أحد الطهورين، ولَّا لا؟ لكن يقولون: إن تطهير التراب ليس حسيًّا، بل هو معنويٌّ، فإن الإنسان عند التيمُّم لا يتطهَّر طهارة حسِّيَّة، ولكن يتطهر طهارة معنويَّة، فإذا كان الماء لا يؤثر تأثيرًا حسيًّا فإنه وإن زال به أثر النجاسة بمعنى المتنجس لا يؤثر. بنحو التراب مثل أيش؟
لو أضفنا إليه ملحًا أو جصًّا أو صابونًا أو غيره؛ فإنه لا يطهر؛ لأنه ما فيه شيء يطهر إلا بالماء، ما فيه طهارة إلا بالماء، هذا هو ما مشى عليه المؤلِّف، وهو المذهب.
ولكن الصحيح أنه إذا زال تغيُّر الماء بالنجاسة بأي طريق فإنه يكون طهُورًا؛ وذلك لأن الحكم متى ثبت لعلَّة زال بزوالها، فما دمنا قد رجحنا أن الماء لا ينجس إلا بالتغير فنقول: إذا زال هذا التغير طهر، وأي فرق بين أن يكون كثيرًا وأن يكون يسيرًا؟
العلة واحدة، متى زالت -أقصد النجاسة- فإنه يكون طهورًا مطهِّرا، وهذا القول الصحيح تجدونه أيسر فهمًا، وأيسر عملًا، يحتاج إنه يروح يجيب مثلًا كثيرًا نظيفًا ما يحتاج، نقول: متى زالت النجاسة ولم يُوجد لا ريح، ولا لون، ولا طعم فإنه يطهر.
واعلم أن هذا الحكم بالنسبة للماء فقط دون سائر المائعات، سائر المائعات تنجس بمجرد الملاقاة، ولو كانت مئة قُلّة، فلو كان عند الإنسان، إِناء كبير فيه عسل مائع وسقطت فيه شعرة من فأرة، ويش يكون هذا؟ يكون نجسًا، ما يجوز أكله ولا بيعه ولا شراؤه، ولو كان عنده حِبّ كبير من الدهن المائع، وسقطت فيه -كما قلنا- شعرة من فأرة -ترى المراد فأرة الميتة- إذا قلنا: بنجاسة الشعر، لكن المثال الصحيح الذي ينطبق حتى على المذهب أن يسقط فيه شعرة من كلب، في هذا الحِبّ الكبير، ولم يتغير ولم يتأثر، شعرة واحدة مثل شعر أهداب العين يكون هذا الدهن الكثير يكون نجسًا، يجوز بيعه ولَّا لا؟