للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول المؤلف: (من قتل نفسًا محرمة بغير حق) احترازًا مما إذا قتلها بحق، (مباشرة أو تسبُّبًا) يعني: قتلها مباشرة أو تسببًا.

المباشرة واضح أن يباشر قتله هو بنفسه؛ يعني مثلًا ضربه بعصًا صغير ومات، أو أراد أن يرمي صيدًا فأصاب إنسانًا؛ هذه مباشرة.

التسبب مثل أن يحفر بئرًا في محل لا يجوز له حفره فيه، فيسقط فيه إنسان، يكون هذا متسببًا، هو لم يباشر القتل، لكن فعل ما يكون سببًا في القتل، فعليه الكفارة، لماذا؟ قالوا: لأن المتسبب كالمباشر في الضمان، فلزم أن يكون كالمباشر في وجوب الكفارة، وهذا هو القول الراجح.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن المتسبب لا كفارة عليه، وأن الكفارة إنما هي على المباشر؛ لأن المتسبب لا يسمى قاتلًا، ولكن الصحيح أن المتسبب كالمباشر، فكل من تسبب لشخص حتى مات فعليه الكفارة.

قال المؤلف: (من قتل نفسًا محرمة أو شارك في قتله خطأ مباشرة أو تسببًا بغير حق فعليه الكفارة) الأول قال المؤلف: (أو شارك فيه) (من قتل) (أو شارك)، إذا شارك في القتل فعليه كفارة، وعليه وعلى شريكه دية واحدة؛ الدية واحدة، والكفارة متعددة، فإذا اشترك اثنان في قتل شخص فعليهما دية واحدة، وعلى كل واحد منهما كفارة، وهذا كثير.

يصطدم اثنان بسيارتهما، وكل منهما مخطئ، فيموت من بينهما رجل، فعليهما دية هذا الرجل؛ دية واحدة، وعليهما كفارتان؛ على كل واحد كفارة.

ولو مات من بينهما رجلان فعليهما ديتان وأربع كفارات، لماذا لا يقول: أنا أكفر عن واحد، وأنت كفر عن واحد؟ لا تتبعض، وأنتم الآن اشتركتم؛ كل واحد منكما شارك في قتل كل واحد منهما، فيكون عليكما لكل واحد كفارتان؛ واحدة على زيد، وواحدة على عمرو، هكذا قال أهل العلم، وعللوا ذلك بأنها لا تتبعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>