للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من أحكم الحكم؛ لأن الناس لو سُلِّطَ بعضهم على بعض في التدنيس والسب والشتم حصلت عداوات وبغضاء، وربما حروب طواحن من أجل هذه الأمور.

لكن حِفْظًا لأعراض الناس، وحماية لها ولسمعة المسلمين، جاء الشرع محرِّمًا للقذف وموجِبًا للعقوبة الدنيوية فيه.

يقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: ٢٣]، ترتب على ذلك أمران عظيمان؛ اللعنة في الدنيا والآخرة -والعياذ بالله-، والثاني: العذاب العظيم.

ثم قال: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} [النور: ٢٤، ٢٥]

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مِن الكبائر الموبِقة «قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ».

إذن فهو من كبائر الذنوب بدلالة الكتاب والسنة، والحكمة فيه ما أشرنا إليها من قبل.

(القذف) تختلف عقوبته باختلاف القاذف وباختلاف المقذوف، ويُعْلَم ذلك من الشروط.

قال المؤلِّف: (إذا قذف المكلَّف مُحْصَنًا جُلِد ثمانين جلدة إن كان حرًّا، وإن كان عبدًا أربعين).

(إذا قذف المكلَّف)، مَن المكلَّف؟

البالغ العاقل، سواء كان هذا البالغ العاقل ذكرًا أو أنثى، حتى المرأة لو أنها قذفت رجلًا يُقَام عليها حد القذف.

وكلمة (المكلَّف): جاء بها -رحمه الله- من باب التبيين، وإلا فقد سبق لنا في الشروط العامة في الحدود أنه يُشْتَرَط أن يكون المحدود بالغًا عاقلًا.

(إذا قذف مُحْصَنًا).

و(الْمُحْصَن) هنا غير المحصن في باب الزنى، المحصن هنا سيذكره المؤلف يقول: الحر، المسلم، العاقل، العفيف، الملتزم، الذي يجامِع مثلُه، بخلافه في باب الزنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>