للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: شيء عجيب، القصد أن مُجَرَّد الشبهة ولو كشرارة في وسط الرماد ما هو صحيح هذا، ولا يمكن أن ترتفع به الأحكام، وإلا فسدت أحوال الناس.

وأما القول الثالث الذي يقول: إنها تُحَدّ ولو ادَّعَت الشبهة، فيقولون: إنها بحملها ثبت زناها بمقتضى حديث مَن؟

طلبة: حديث عمر.

الشيخ: حديث عمر -رضي الله عنه-.

والأصل عدم الإكراه، فلتأتِ ببينة على ما ادعته من الشُّبهة وإلا وجب الأخذ بظاهر الحال.

وهذا تعليله أقوى من تعليل القول الأول الذي يقول: لا تُحَدّ.

ومع ذلك فهو تعليل عليل لا تقوم به الحجة، ولا يمكن أن نُتْلِف به الأنفس، ولا سيما لأنها إذا كانت ثَيِّبًا وجب أن تُرْجَم بمجرد ذلك.

بقي أن يقال: إن تعليل الفقهاء قولهم: إن سؤالها من باب إشاعة الفاحشة، ماذا نجيب عنه؟

نقول: إننا لن نسألها، بل سنقيم عليها الحد بدون سؤال، حتى تدعي ما يرتفع به الحد.

إذن فكانت طرق ثبوت الزنى بهذا التقرير أربعة: الشهادة، والإقرار، وحَمْل مَن لا زوج لها ولا سيد.

طالب: واللعان.

الشيخ: وفي اللعان؛ إذا كان لاعَنَ الزوج ولم تدافعه.

[باب حد القذف]

ثم قال المؤلف -رحمه الله-: (باب حد القذف).

(حد): تقدم لنا معنى الحدود شرعًا؛ أنها عقوبات مُقَدَّرَة شرعًا بفعل معصية لتردع عن مثلها وتُكَفِّرَ عن صاحبها.

وأما (القذف) فهو مضاف إليه، والإضافة هنا من باب إضافة الشيء إلى سببه، يعني: باب الحد الذي سببه القذف.

والقذف في الأصل هو الرمي، والمراد به هنا: الرمي بالزنى أو اللواط، أن يرمي شخصًا بالزنى أو باللواط، فيقول: يا زانٍ، يا لوطي، أو أنت زانٍ، أو أنت لوطي، أو ما أشبه ذلك، هذا هو القذف.

وحكم القذف: محرَّم، بل مِن كبائر الذنوب إذا كان المقذوف مُحْصَنًا.

والحكمة من تحريمه صيانةُ أعراض الناس عن الانتهاك، وحماية سمعتهم عن التدنيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>