للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: يقولون: ما دمنا قبلنا توبته، وأنه مسلم آمن حقيقة؛ فإننا لا نقتله؛ لأن الذي أباح قتله هو سب الرسول عليه الصلاة والسلام، وما حكمنا بكفره؛ لأنه سب رجلًا يسمى محمد بن عبد الله، ولكن لأنه رسول الله، فإذا تاب إلى الله عز وجل رفعنا عنه القتل.

ولو قال قائل: إن هذا حُكم يرجع إلى رأي الإمام، فإن رأى من المصلحة أن يقتل قتله حتى لا يجترئ الناس على جناب الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن رأى من المصلحة ألا يقتله وأن يؤلفه على الإسلام ويؤلف أمثاله أيضًا فهذا لا يقتله. لو قيل بهذا الرأي لكان رأيًا جيدًا، ويكون هذا الرأي وسطًا بين الرأيين.

ولكن لو قال قائل: أليس هذا خارجًا عن القولين فيكون مخالفًا للإجماع؟

فالجواب: لا؛ لأنه يوافق أحد القولين من وجه ويفارقه من وجهٍ آخر؛ يعني يوافق قولًا من وجه، ويوافق قولًا آخر من وجه، فنحن إذا قتلناه للمصلحة أخذنا ببعض قول من يقول: يتحتم القتل، وإذا لم نقتله للمصلحة أخذنا ببعض قول من يقول: لا يُقتل إذا تاب.

ولهذا شيخ الإسلام -رحمه الله- أحيانًا يذكر مثل هذا التفصيل، يعني يذكر اختلاف العلماء على القولين، ثم يذكر تفصيلًا ويقول: وهذا بعض قول من يقول بكذا وكذا، مثل: قوله في الوِتر، الوتر اختلف العلماء فيه، هل هو واجب أو ليس بواجب؟

وقال شيخ الإسلام: إنه يجب على من له وردٌ من الليل، وإذا قلنا: إنه يجب على من له ورد وافقنا أو أخذنا ببعض قول من يقول بالوجوب مطلقًا.

***

بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله: (وتوبة المرتد) يعني توبة الراجع عن الإسلام.

(وكل كافر) يعني الكافر الأصلي؛ لأن الكفار عندنا قسمان: مرتد، وأصلي.

فالأصلي: هو الذي لم يزل على كفره، والمرتد: هو الذي كان مؤمنًا، ثم خرج عن الإيمان للكفر والعياذ بالله.

الثاني أشد من الأول وأعظم، نسأل الله العافية؛ ولهذا يقتل بكل حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>