إذا حلف على نفسه ألَّا يفعل شيئًا، ففعله ناسيًا أو جاهلًا فلا حنث عليه؛ لأنه لو فعل المحرم ناسيًا أو جاهلًا فلا إثم عليه، فكذلك إذا فعل المحلوف عليه ناسيًا أو جاهلًا فلا حنث عليه؛ لأن الحنث مبني على التأثيم، فمتى كان الإنسان يأثم في الحكم الشرعي حنث في اليمين، وإذا كان لا يأثم لم يحنث.
فهذا رجل حلف على نفسه، قال: واللهِ، لا ألبس هذا الثوب، ثم جاء في الليل فلبسه وهو لا يدري أنه المحلوف عليه؟
طلبة: فلا حنث عليه.
الشيخ: لا حنث؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يعني ليس عليه كفارة؛ لأن من شروط وجوب الكفارة -كما سبق- أن يحنث عالمًا ذاكرًا مختارًا.
كذلك لو فعله ناسيًا؛ لبس الثوب الذي حلف ألَّا يلبسه ناسيًا أنه حلف، فإنه لا كفارة عليه؛ لم يحنث.
إذا قال قائل: ما هو الدليل؟ نقول: قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، والحنث مبني على التأثيم بالفعل.
التعليل: لأن من شرط وجوب الكفارة أن يحنث عالمًا ذاكرًا مختارًا.
إذا حلف على نفسه في طلاق؛ بأن قال: إن لبست هذا الثوب فزوجتي طالق، هذا يمين، ثم لبسه ناسيًا، تطلق؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، على كلام المؤلف تطلق؛ لأنه قال:(حنث في الطلاق والعتاق) فتطلق.
قال: إن فعلت كذا فعبدي حرٌّ، قصده لأجل أن يلزم نفسه بعدم الفعل، هذا يمين، ففعله ناسيًا، فالعبد يعتق.
وكذلك لو لبسه؛ قال: إن لبست هذا الثوب فعبدي حرٌّ فلبسه جاهلًا أنه الثوب الذي حلف عليه فإن العبد يعتق، وإن كان طلاقًا فإن المرأة تطلق.
لماذا؟ يقولون: لأن هذا يتضمن حقًّا لآدمي، وحقوق الآدميين لا تسقط؛ لا بالجهل، ولا بالنسيان، ما تسقط بالجهل والنسيان، الإكراه فيه تفصيل، لكن نقول: لا تسقط بالجهل والنسيان.